مربوطة عنده إذ جالت الفرس، فسكت فسكت، فقرأ فجالت الفرس، فسكت وسكت الفرس، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف، وكان ابنه يحيى قريباً منها فأشفق أن تصيبه، فلما اجْتَرَّهُ رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراه، فلما أصبح حدث النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له:"اقرأ يا ابن حضير، اقرأ يا ابن حضير" قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى، وكان منها قريباً، فرفعت رأسي فانصرفتُ إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثلُ الظُلَّة فيها أمثالُ المصابيح، فخرجتُ حتى لا أراها، قال:" وتدري ما ذاك؟ " قال: لا، قال:" تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها، لا تتوارى منهم"(١).
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -:
قوله:" اقرأ يا ابن حضير " أي كان ينبغي أن تستمر على قراءتك، وليس أمراً له بالقراءة في حاله التحديث، وكأنه استحضر صورة الحال فصار كأنه حاضر عنده لما رأى ما رأى، فكأنه يقول: استمر على قراءتك لتستمر لك البركة بنزول الملائكة واستماعها لقراءتك، وفهم أُسَيْد ذلك فأجاب بعذره في قطع القراءة أن تطأ الفرس ولدي، ودل سياق الحديث على محافظة أسيد على خشوعه في صلاته لأنه كان يمكنه أول ما جالت الفرس أن يرفع رأسه، وكأنه كان بلغه حديث النهي عن رفع المصلي رأسه إلى السماء فلم يرفعه حتى اشتد به الخطب؛ ويحتمل أن يكون رفع رأسه بعد انقضاء صلاته فلهذا تمادى به الحال ثلاث مرات. ووقع في رواية ابن أبي ليلى المذكورة " اقرأ أبا عتيك " وهي كنية أسيد. قوله:" دنت لصوتك " في رواية إبراهيم بن سعد " تستمع لك " وفي رواية ابن كعب المذكورة " وكان أسيد حسن الصوت" وفي رواية يحيى بن أيوب عن يزيد بن الهاد