للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خبر السماء، فهناك حين رجعوا إلى قومهم، فقالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} (١ - ٢) سورة الجن.

فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ} وإنما أوحي إليه قول الجن) (١).

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -:

(وفي الحديث إثبات وجود الشياطين والجن وأنهما لمسمى واحد، وإنما صارا صنفين باعتبار الكفر والإيمان، فلا يقال لمن آمن منهم إنه شيطان. وفيه أن الصلاة في الجماعة شرعت قبل الهجرة. وفيه مشروعيتها في السفر. والجهر بالقراءة في صلاة الصبح، وأن الاعتبار بما قضي الله للعبد من حسن الخاتمة لا بما يظهر منه من الشر ولو بلغ ما بلغ، لأن هؤلاء الذين بادروا إلى الإيمان بمجرد استماع القرآن لو لم يكونوا عند إبليس في أعلى مقامات الشر ما اختارهم للتوجه إلى الجهة التي ظهر له أن الحدث الحادث من جهتها، ومع ذلك فغلب عليهم ما قضى لهم من السعادة بحسن الخاتمة، ونحو ذلك قصة سحرة فرعون) (٢).

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - بعد ما أورد الطرق والروايات التي تفيد استماع الجن للقرآن:

(فهذه الطرق كلها تدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى الجن قصداً فتلا عليهم القرآن ودعاهم إلى الله - عز وجل - وشرع الله تعالى لهم على لسانه ماهم محتاجون إليه في ذلك الوقت وقد يحتمل أن أول مرة سمعوه يقرأ القرآن لم يشعر بهم كما قال


(١) متفق عليه، راجع اللؤلؤ والمرجان ص (٩٣) ح (٢٥٩).
(٢) فتح الباري (٨/ ٥٤٣).

<<  <   >  >>