للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القبول لا عدم الاشتغال مع القبول ولا ما يعمهما فإن كان مثل هذا يكفي في الاستدلال فذاك وإلا فليطلب دليلاً آخراً للكراهة. وأورد بعضهم في ذلك خبراً وهو " مَنْ تعلَّم القرآن وعلَّق مصحفه ولم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقاً به يقول: يا رب عبدك هذا اتخذني مهجوراً اقض بيني وبينه " وقد تعقب هذا الخبر العراقي بأنه روي عن أبي هدبة وهو كذَّاب، والحق أنه متى كان ذلك مخلاً باحترام القرآن، والاعتناء به كَرِه، بل حرم وإلا فلا.

وقيل: مهجوراً من الهُجر بالضم على المشهور أي الهذيان وفحش القول، والكلام على الحذف والإيصال أي جعلوه مهجوراً فيه إما عن زعمهم الباطل نحو ما قالوا أنه أساطير الأولين اكتتبها، وإما بأن هجروا فيه ورفعوا أصواتهم بالهذيان لما قرئ لئلا يسمع كما قالوا: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} (٢٦) سورة فصلت. وفي هذه الشكوى من التخويف والتحذير ما لا يخفى فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا شكوا إلى الله تعالى قومهم عجل لهم العذاب ولم ينظروا) (١).

قال الإمام ابن الجوزي - رحمه الله -: وفي المراد بقوله: {مَهْجُورًا} قولان:

أحدهما: متروكاً لا يلتفتون إليه ولا يؤمنون به، وهذا معنى قول ابن عباس، ومقاتل.

والثاني: هجروا فيه، أي: جعلوه كالهذيان، ومنه يقال: فلان يَهْجُر في منامه، أي: يَهْذي، قاله ابن قتيبة، وقال الزجاج: الهُجْر: ما لا ينتفع به من القول ..). (٢)


(١) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للإمام الألوسي البغدادي (١٩/ ١٣ - ١٤) طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الرابعة ١٤٠٥ هـ.
(٢) زاد المسير في علم التفسير للإمام ابن الجوزي (٦/ ٨٧ - ٨٨) طبعة المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى.

<<  <   >  >>