للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: "لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحَطَب على ظهره فيبيعها، فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" رواه البخاري (١).

الحديث فيه دلالة على قُبْح السؤال وحُسْن الاكتساب، ولو امتهن نفسه في طلب الرزق وارتكب المشقة، وذلك لما يدخل على السائل مِنْ ذُل السؤال، ومن ذل الرد إذا لم يعطوه، ولما يدخل على صاحب المال من الضيق في ماله إن أعطي كل سائل، وقد اختلفت الشافعية في القادر على الكسب على وجهين أصحهما أنه حرام لظاهر الأحاديث، والثاني أنه حلال مع الكراهة بثلاثة شروط: أن لا يذل نفسه، ولا يلح في السؤال، ولا يؤذي المسئول، فإن فقد أحدها فهو حرام بالاتفاق.

٤٨٩ - وعن سمرة بن جُنْدب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إِلا أن يسأل الرجل سلطانًا أو في أمر لا بد منه" رواه الترمذي، وصححه (٢).

والمسألة: أي السؤال من الناس أموالهم.

والكد: هو الخدش وهو الأثر، وفي رواية "كُدُوح" (٣) بضم الكاف جمع كدح، وكل أمر من خدش أو عض فهو كدح.

وقوله: "إِلا أن يسأل الرجل ذا سلطان": يعني يعطيه ما يستحقه من بيت المال فهو خارج عن مذمة السؤال لأن السائل لم يسأل إلا ما يستحقه، والسلطان ليس له مِنَّة عليه.


(١) البخاري الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة ٣: ٣٣٥ ح ١٤٧١.
(٢) الترمذي الزكاة، باب ما جاء في النهي عن المسألة ٣: ٦٥ ح ٦٨١.
(٣) أبو داود (نحوه) الزكاة، باب ما تجوز فيه المسألة ٢: ٢٨٩ ح ١٦٣٩ النسائي (نحوه) الزكاة، مسألة الرجل ذا سلطان ٥: ٧٥.