للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من الزكاة، وهو قول الشافعي وغيره من أهل العلم، قال الشافعي: فيكون الرجل غنيًّا بالدرهم مع الكسب، ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله، والظاهر أن التحديد بالخمسين إنما هو باعتبار حال الوقت، وأن الخمسين يجد صاحبها بها سدادًا مِنْ عِوَز، وإلا فإنها قد تكون الخمسين باعتبار كثرة المؤنة وغلاء السعر في حق صاحب ذلك في حكم الدرهم الواحد، ولا شك أن جانب المناسبة والحكمة في شرعية الزكاة تقضي بعدم الوقوف على قدر معين، وإنما ذلك باعتبار الكفاية، ويفسر هذا المعنى حديث أبي هريرة وغيره، وذهب الهادي والمؤيد والأزرقي والإمام يحيى وأبو حنيفة إلى أن الغنى هو ملك النصاب، وسواء كان النصاب من الذهب أو الفضة أو ما يقوم بذلك، وذهب الحقيني والأزرقي (١) -تخريجًا على أصل الهادي- وأبو طالب بأن من كان معه من العروض ما يساوي النصاب فإنه لا يصير بذلك غنيا لا سيما ذا العول، قال الإمام المهدي (٢): بل هو غني لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أوقية أو عدلها" فجعل العرض في تحريم المسألة كالنقد، وذهب المرتضي وأبو طالب إلى أن: مَنْ كان لا يكفيه غلة أرضه للسنة وإن قومت نصابًا فإنه فقير تحل له الزكاة، وذهب بعضهم على ما حكاه الخطابي (٣) أن حد الغنى من وجد ما يغديه ويعشيه على ظاهر حديث سهل بن الحنظلية، وقد تأوله بعضهم بأن الغنى ما يغديه ويعشيه على الدوام، وذهب أبو عبيد بن سَلَّام (٤) إلى أن حد الغنى أربعون درهمًا لقوله: "منْ سأل وله أوقية" وهي أربعون درهمًا، والظاهر أن ذلك إنما هو في حِلِّ السؤال لا في حِلّ الصدقة من


(١، ٢) البحر ٢: ١٨٦.
(٣) معالم السنن ٢: ٢٧٧، ٢٧٨.
(٤) الفتح ٣: ٣٤٢.