للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: أرأيت شحوم الميتة. إلخ، معناه: فهل يحل بيعها لما ذكر من المنافع؟ فإنها مقتضية لصحة البيع.

وقوله: "هو حرام". أي البيع. كذا فسره بعض العلماء، كالشافعي ومن تبعه. ومنهم من حمل قوله: "هو حرام". على الانتفاع، أي يحرم الانتفاع بها، وهو قول أكثر العلماء، فلا ينتفع من الميتة بشيء إلا ما خُصَّ به بدليل، كالجلد المدبوغ عند من قال به. وذهب الشافعي وأصحابه (١) إلى أنه يجوز الانتفاع بشحوم الميتة في طلاء السفن وفي الاستصباح بها وغير ذلك مما ليس بأكل ولا في بدن الآدمي. وبهذا قال عطاء بن أبي رباح ومحمد بن جرير.

واستدل الخطابي (٢) على جواز الانتفاع بإجماعهم على أن من ماتت له دابة ساغ له إطعامها الكلاب (٣)، فكذلك يسوغ دهن السفينة بشحم الميتة، ولا فرق.

وقال الإمام يحيى: يجوز إطعام الكلاب وتمكينها من الميتة. وقواه الإمام المهدي. وأجازت الهدوية الانتفاع بالنجاسة في الاستهلاكات، ومثلوها بتسجير التنور ونحوه.

وقال الإمام شرف الدين: من ذلك الاستصباح بالدهن المتنجس، وهذا مبني على القول الأول، وهو أن الضمير عائد إلى البيع دون الانتفاع. ويتأيد


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ١١/ ٦.
(٢) الفتح ٤/ ٤٢٥.
(٣) يعني كلاب الصيد.