وأبو حنيفة وأصحابه إلى ثبوت الشفعة في جميع ذلك، وقد يتأول (أ) حديث: "لا شفعة في بئر". على آبار الصحاري التي تكون في الأرض الموات، لا التي تكون في أرض متملكة، وهو مستقيم، حيث لم تكن محفورة، وإلا ملكها الحافر وصحت الشفعة فيها، وكذا عند مالك لا شفعة في الطريق وعَرْصة الدار (١)، ووافقه الشافعي أيضًا.
وهذا الحديث فيه دلالة على أن الشفعة إنما تكون في العقار والدور، لقوله: فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. والحدود والطرق إنما تكون في ذلك. وذهب العترة جميعًا إلى أنها تصح الشفعة في غير العقار من المنقولات كلها، وهو مروي عن عطاء، ورواه في "البحر" عن مالك، وفي "فتح الباري" قال (٢): رواية عن مالك. وفي كتب المالكية خلافه إلا المنصور بالله، فخالف في المكيل والموزون، قال: لأنه لا ضرر فيه. ومالك أثبت الشفعة في الثمار التابعة للأرض في البيع، ودليلهم عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشريك شفيع، الشفعة في كل شيء". أخرجه الترمذي (٣) عن ابن عباس. وذهب الجمهور من العلماء إلى أن الشفعة لا تثبت في المنقول، وحجتهم ما مر، وهذا الحديث مخصص بالمعنى المعلل به وهو دفع الضرر، والضرر في المنقول نادر، وروى في "البحر" عن عطاء أنَّه لا شفعة في المنقول إلا الحيوان والثياب. وعن داود: الشفعة في الثياب فقط. انتهى. وعن أحمد ثبوت