للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

القصاص". وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} (١). قالوا: فالواجب هو القصاص، وأما الدية فإنها لا تجب إلا إذا رضي الجاني، ولا يجبر الجاني على تسليم الدية، وذهب الهدوية والناصر وقول للشافعي ولأحمد ولمالك، وهو مذهب أبي ثور وداود وأكثر فقهاء المدينة من أصحاب مالك وغيرهم، ورواية أشهب عن مالك إلى أن موجب القتل أحد الأمرين؛ إما القصاص، وإما الدية، قالوا: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين؛ إما أن يقيد، وإما أن يدي" (٢). وقوله تعالى: {وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (١). قال الأولون: معنى: "بخير النظرين": أن ولي المقتول مخير بشرط أن يرضى الجاني أن يغرم الدية. ويجاب بأن التقييد خلاف الظاهر، ويجاب عنه بأنه أوجب المصير إليه الجمع بينه وبين المعارض له.

وقال في "الهدي" (٣): في المسألة ثلاثة أقوال، وهي روايات عن الإمام أحمد:

أحدها: أن الواجب أحد شيئين؛ إما القصاص، أو الدية، والخيرة في ذلك إلى الولي بين أربعة أشياء: العفو مجانًا، والعفو إلى الدية، والقصاص، ولا خلاف بين تخييره بين هذه الثلاثة، والرابعة: المصالحة إلى أكثر من الدية. فيه وجهان؛ أشهرهما مذهبا جوازه. والثاني: ليس له العفو على مال إلا الدية أو دونها. وهذا أرجح دليلًا، فإن اختار الدية سقط القود، ولم يملك طلبه بعد، وهذا مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن مالك.


(١) الآية ١٧٨ من سورة البقرة.
(٢) سيأتي ح ٩٧٦.
(٣) زاد المعاد ٣/ ٤٥٤.