والطبيب (١) شامل لمن طب بوصفه وقوله، وهو الذي يُخص باسم الطبائعي، وبمِرْوَده (٢) وهو الكحال، وبمِبضَعه (٣) ومراهمه، وهو الجرائحى، وبموساه وهو الخاتن، وبريشته وهو الفاصد، وبمحاجمه ومشرطه وهو الحجّام، وبخلعه ووصله ورباطه وهو المجَبِّر، وبمكواته وناره وهو الكوَّاء، وبقربته وهو [الحاقن](أ). وسواء كان طبه لإنسان أو لغيره من الحيوان، قاسم الطبيب لغة يشمل هؤلاء.
والحديث فيه دلالة على أن المتعاطي للطب يضمن على أي حال كان إعناته، بالمباشرة أو بالسراية، وسواء كان عمدًا أو خطأ، وقد ادعى في "شرح الإبانة" الإجماع على ذلك، ونسب في "البحر" الخلاف إلى الإمام يحيى في سراية جناية المتعاطي، وأنه لا يضمن، وعلل ذلك بعض المفرعين على مذهب الهادي بأنه عمل عمل الأطباء، وهو مأذون من جهة المعالج، وذكر في "نهاية المجتهد"(٤) ولم ينسبه إلى أحد، والظاهر أنه عند المالكية، أنه إذا أعنت كان عليه الضرب والسجن والدية قيل: في ماله. وقيل: على العاقلة. انتهى.
وأما إعنات الطبيب الحاذق فإن كان بالسراية لم يضمن اتفاقًا؛ لأنها سراية فعل مأذون فيه من جهة الشرع، ومن جهة المعالج، وهكذا سراية كل
(أ) في الأصل، جـ: الحافر. والمثبت من مصدر التخريج.