للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نبينا رسول ربنا - صلى الله عليه وسلم - أن نقاتلكم حتَّى تعبدوا الله وحده، أو تؤدوا الجزية. وكان أهل فارس مجوسًا.

فهذه الأحاديث تدل على أخذ الجزية من المجوس عربًا كانوا أو عجمًا، وقد ذهب إلى هذا جمهور السلف والخلف، وروي عن الحنفية أنَّه تؤخذ من مجوس المعجم، ولا تؤخذ من مجوس العرب، والحديث دليل عليهم.

واختلف العلماء فيمن تؤخذ منه الجزية، فذهب أبو حنيفة والعترة إلى أنها تؤخذ من أهل الكتاب عجمًا كانوا أو عربًا، ومن غير الكتابي العجمي، ولا تقبل من العربي الذي ليس بكتابي، وروى في "البحر" قولًا للشافعي أنَّه تقبل من العربي الذي ليس بكتابي إلَّا القرشي، ولعل حجتهم ما تقدم في حديث بريدة: "فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك وإلا فسلهم الجزية" (١). وتخصيص قريش لما ظهر من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لم يأخذها من أحد من قريش ولا دعاهم إليها، والمشهور عن الشَّافعي أنها تقبل من أهل الكتاب عجمًا كانوا أو عربًا ومن المجوس، ولا تقبل من غيرهم، وحديث بريدة وارد على من ذهب إلى التّقييد، وقد يجاب عنه بأن حديث بريدة متقدم، وآية "براءة" في قتال المشركين عامة متأخرة في عام الفتح فتكون ناسخة، إلَّا ما ذكر فيها من آية الجزية من أهل الكتاب وحديث المجوس. ولكنه لا يتم الجواب على قول من بنى العام على الخاص مطلقًا، أو يجعل الخاص المتقدم مخصصًا للعام المتأخر، فيلزم الشَّافعي العمل به دون أبي حنيفة، وفي حديث: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب". ما يدل على أن المجوس ليسوا أهل كتاب، وقد روى الشَّافعي وعبد الرَّزاق (٢) وغيرهما


(١) تقدم ح ١٠٥٧.
(٢) الشَّافعي في الأم ٤/ ١٧٣، وعبد الرَّزاق ١٠/ ٣٢٧، ٣٢٨ ح ١٩٢٦٢.