للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هذا الذي ذكره لا يمنع من ثواب من قرأها سردا وإن كان متلبسا بمعصية، وإن كان ذلك مقام الكمال الذي لا يقوم به إلا أفراد الرجال. قال النواوي (١): وقال البخاري وغيره من المحققين: معناه: حفظها. وهذا ظاهر، فإن إحدى الروايتين تكون مفسرة للأخرى. وبه قال ابن الجوزي (٢). ولكنه يحتمل لفظ: "حفظها" الحفظ المعنوي، فلا يكفي حفظها سردًا. وقيل: المراد بحفظها حفظ القرآن جميعه، لأنها موجودة في القرآن مفرقة فيه. وقال ابن عطية (٣): إنه يتضمن إحصاؤها وحفظها الإيمان بها، والتعظيم لها، والرغبة فيها، والاعتناء بمعانيها. وهذا قريب مما فصله ابن بطال، وكذا ما قاله أبو نعيم الأصفهاني (٣): إن المراد به العلم والعقل بمعاني الأسماء والإيمان بها. وكذا ما قال أبو عمَنْكي مر الطلَمَنْكي (٣) أن يكون عالمًا بمعاني الأسماء، مستفيدا بذكرها ما تدل عليه من المعاني. وقال أبو العباس بن معد (٣): يحتمل معنيين؛ هو أن يتتبعها من الكتاب والسنة حتى يحصل عليها، أو أن يحفظها بعد أن يجدها محصاة. ثم قال: وللإحصاء معان أخر، منها الإحصاء الفقهي؛ وهو العلم بمعانيها وتنزيلها على الوجوه المحتملة شرعا، ومنها الإحصاء النظري، وهو أن يعلم معنى كل اسم بالنظر في الصيغة ويستدل عليه بأثره الساري في الوجود، فلا تَمُرُّ على موجود إلا ويظهر لك فيه معنى من معاني تلك الأسماء، وتعرف خواص بعضها، وموقع القيد بمقتضى كل اسم. قال: وهذا أرفع مراتب الإحصاء. قال:


(١) شرح مسلم ١٧/ ٥.
(٢) غريب الحديث لابن الجوزي ١/ ٢١٩، والفتح ١١/ ٢٢٦.
(٣) الفتح ١١/ ٢٢٦.