للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذهب آخرون إلى الجمع بينهما، وأجابوا بأجوبة في الجمع (أ)؛ أحدها: أن المراد بحديث زيد أنه إذا كان عند الشاهد شهادة بحق لا يعلم بالشهادة صاحب الحق فيأتي إليه فيخبره بها، أو يموت صاحبها العالم بها ويخلف ورثة فيأتي الشاهد إليهم أو إلى من يتحدث عنهم فيعلمهم بذلك. وهذا أحسن الأجوبة، وقد أجاب به يحيى بن سعيد شيخ مالك ومالك وغيرهما.

الثاني: المراد به شهادة الحسبة، وهي ما لا تتعلق بحقوق الآدميين المختصة بهم (ب) محضًا، ويدخل في الحسبة ما يتعلق بحق الله أو ما فيه شائبة؛ كالعتاق والوقف والوصية العامة والعدة والطلاق والحدود ونحو ذلك، وحديث عمران مراد به الشهادة في حقوق الآدميين المحضة.

الثالث: أن المراد بقوله: "أن يأتي بالشهادة قبل أن يسألها". هو المبالغة في الإجابة، فيكون لقوة استعداده كالذي أتى بها قبل أن يُسألها, كما يقال في حق الجواد: إنه ليعطي قبل الطلب.

وهذه الأجوبة مبنية على أن الشهادة عند الحاكم لا تصح أن تؤدى قبل أن يطلبها صاحب الحق. وذهب البعض إلى جواز أداء الشهادة قبل السؤال على ظاهر عموم حديث زيد، وتأول حديث عمران بتأويلات؛ أحدها: أنه محمول على شهادة الزور، أي يؤدون شهادة لم يسبق لهم تحملها، وهذا حكاه الترمذي (١) عن بعض أهل العلم. ثانيها: المراد بها الشهادة في الحلف،


(أ) في ب: الجميع.
(ب) في جـ: لهم.