للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه لحاجته أو لأنه أصلح، وأما عذر الزيارة فيكون بالأعذار التي يسقط معها وجوب حضور الجمعة؛ لأن كلا منهما فرض عين، وأما عذر المكاتبة والمراسلة فهو ألا يجد من يثق به في أداء ما يرسله به. انتهى كلامه. وهو كلام حسن إلا أنه ينبغي أن يقال: يقطع ما ألفه القريب مما قد عوده، أو يعوده أمثاله لمثل ذلك القريب، وإلا لزم أن يكون معذورا بترك الإحسان من أصله ويلزم منه ألا يحسن قريب إلى قريبه أصلا وهو المتبادر عرفا من القطع، وإذا كان أحد الرحمين قد وصل أحدهما صاحبه فكافأه على ذلك فهو واصل، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" (١). فقال ابن العربي (٢) في "شرح الترمذي": المراد به الكامل في الصلة. وقوله: "قطعت" ضبط في بعض الروايات بضم أوله وكسر ثانيه مبني للمجهول وفي أكثرها بفتحتين، وقال الطيبي (٣): معناه ليست حقيقة الوصل ومن يعتد بصلته من يكافئ صاحبه بمثل فعله، ولكنه من يتفضل على صاحبه. وقال المصنف رحمه الله تعالى (٤): لا يلزم من نفي الوصل ثبوت القطع فهم ثلاث درجات؛ مواصل، ومكافئ، وقاطع؛ فالمواصل هو الذي يتفضل ولا يُتفضل عليه، والمكافئ الذي لا يزيد في الإعطاء على ما يأخذ، والقاطع الذي لا يتفضل عليه ولا يتفضل. وأقول: بالأولى مَن يُتفضل عليه ولا يتفضل إنه قاطع، ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: وكما تقع المكافأة بالصلة من الجانبين كذلك تقع بالمقاطعة من


(١) البخاري ١٠/ ٤٢٣ ح ٥٩٩١.
(٢) عارضة الأحوذي ٨/ ١٠١.
(٣) الفتح ١٠/ ٤٢٣.
(٤) الفتح ١٠/ ٤٢٤.