للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلَّا أعطاه". فهو يدل على أن ذلك غَرِيزي، والله سبحانه أعلم.

وقوله في الحديث الثَّاني: "لا تسعون النَّاس بأموالكم". المراد بالسعة شمول النَّاس بإعطاء المال؛ لحقارة المال وكثرة النَّاس، وأن ذلك غير داخل في مقدرة البشر، وأمَّا شمول الأخلاق من البشر والطلاقة ولين الجانب وخفض الجناح، وغير ذلك، فذلك ممكن، وهو مخصص بمن يجب الإغلاظ عليه كالكافر ومرتكب المنكر الذي يحتاج إلى التخشين عليه، وعطف حسن الخلُق على بسط الوجه من عطف العام على الخاص.

وقوله: "المؤمن مرآة أخيه". يعني أن المؤمن لأخيه المؤمن كالمرآة التي ينظر فيها صورته ليطلع على ما فيها من قذى فيزيله، فشبه المؤمن بالمرآة لأخيه، وهو أنَّه إذا نظر فيه عيبًا نصحه ونبهه على إزالته، وقد أخرج الحديث أيضًا التِّرمذيُّ (١) وابن منيع، وهو داخل في حديث: "الدين النصيحة".

١٢٩٦ - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "المؤمن الذي يخالط النَّاس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط النَّاس ولا يصبر على أذاهم". أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن وهو عند التِّرمذيُّ إلَّا أنَّه لم يسم الصحابي (٢).

الحديث فيه دلالة على فضيلة الصبر والعفو عن المظالم وكظم الغيظ، وهذه الخصال إنما تكون مع من يخالط النَّاس، ويقل حصولها مع من لا يخالط.


(١) الترمذي ٤/ ٢٨٧ ح ١٩٢٩.
(٢) ابن ماجه، كتاب الفتن، باب الصبر على النبلاء ٢/ ١٣٣٨ ح ٤٠٣٢، والترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب (٥٥) ٤/ ٥٧٢ ح ٢٥٠٧.