للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أعم، والدعاء أخص، فأريد بقوله: {ادْعُونِي}. حقيقة الدعاء.

وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي}. مراد به العبادة من حيث عمومها للدعاء، فالربط بين العلة والمعلل عموم العبادة للدعاء، وكونه جزئيًّا من جزئيات العبادة، فمن استكبر عن العبادة استكبر عن الدعاء؛ لوجود الخاص في ضمن العام، وعلى هذا، فالوعيد إنما هو في حق من ترك الدعاء استكبارًا، ومن فعل ذلك كفر، وأمَّا تركه لمقصد من المقاصد، فلا يتوجه إليه الوعيد المذكور، وإن كُنَّا نرى أن ملازمة الدعاء والاستكثار منه أرجح من الترك؛ لكثرة الأدلة الواردة في الحض عليه.

وقال الطيبي في حديث النُّعمان (١): أن تُحْمَلَ العبادة على المعنى اللغوي، وهو التذلل، إذ الدعاء هو إظهار غاية التذلل والافتقار، ولذا ختم الآية بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} الآية. وحكى القشيري في "الرسالة" (٢) الخلاف في الأفضل، ورجح أن الأفضل الدعاء؛ لكثرة الأدلة، ولما فيه من إظهار الخضوع والافتقار. قال: وشبهة القول الآخر أن الداعي لا يعرف ما قدر له، فدعاؤه إن كان على وفق المقدور (أ) فهو تحصيل الحاصل، وإن كان على خلافه فهو معاندة. ويجاب عن الأول، أن فعل الدعاء إنَّما هو لأجل كونه عبادة فليس تحصيلًا للحاصل، وعن الثَّاني أنَّه إذا (ب) كان


(أ) في جـ: المقدر.
(ب) في جـ: إن.