للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن الحكمة في ذلك هو دفع ما يحصل من تشويش الخاطر المفضِي إلى ترك الخشوع في الصلاة وقد يكون الجائع غير الصائم أشوق إلى الأكل من الصائم، والأولى حَمْل المطلق على إطلاقه، وذكر الخاص الموافق لا يقتضي تقييدا ولا تخصيصا، والجمهور حملوا الأمر على الندب، ثم اختلفوا فمنهم من قيده بمن كان محتاجا إلى الأكل وهو المشهور عند الشافعية (١)، وزاد الغزالي قيدا وهو إذا خشي فساد المأكول، وحمله ابن حزم والظاهرية على الوجوب (٢)، وقالوا: تبطل الصلاة إذا قدّمها، ومنهم مَن اختار البداءة بالطعام إذا كان خفيفا، نقله ابن المنذر عن مالك (٣)، وفصل أصحابه فقالوا: يبدأ بالصلاة إن لم تكن النفس متعلقة بالأكل أو (أ) كان لا يشغله عن صلاته، وإن كان ذلك يشغله بدأ بالطعام واستحب له الإعادة.

ويلحق باشتغال النفس بالطعام اشتغالها بغير ذلك من سائر مقاصدها فيندب تقديم ذلك، وهذا إذا كان في الوقت سَعَة، فإن ضاق صلى على حاله محافظة على حُرمة الوقت، ولا يجوز التأخير، وحكى المتولي وجهًا أنه يبدأ بالأكل وإن خرج الوقت؛ لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا (ب) يفوته، كذا ذكره النووي (٤)، وهذا إنما يجيئ على قول من يوجب الخشوع في الصلاة، وفي قولهم أيضًا نظر لأن المفسدتين إذا تعارضتا اقتصر على أخفهما، (جـ) فخروج الوقت أشد من ترك الخشوع بدليل صلاة الخوف والغريق وغير ذلك، وإذا صلَّى لمحافظة الوقت صحت مع الكراهة، ويستحب الإعادة عند الجمهور (٥).


(أ) في هـ: و.
(ب) في جـ: و.
(جـ) في جـ وهـ: و.