للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به فهو حق. وهو تفسير الوجوب عند الفقهاء (١). وهذا لأنه إن (٢) كان واجبًا حقيقة عند الله تعالى (٣)، فإنه يأثم بتركه، لأن في وسعه أن يأتي به، فيخرج عن عهدة الوجوب. وإن كان غير واجب يثاب على تحصيله، والاحتراز عن الضرر واجب شرعًا وعقلا:

أما الشرع -[فـ] ماروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفًا ومرفوعًا إلى رسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما اجتمع الحلال والحرام إلا وقد غلب الحرام الحلال".

وأما العقل - وهو أن كل من دخل في طريق فأخبره عاقل أن في الطريق لصوصًا، فدخل، فأخذ، فإن الناس يلومونه.

فثبت أن التحرز عن احتمال الضرر واجب عقلا وشرعًا (٤)، فوجب القول بوجوب الفعل احتياطًا، فيكون الأمر لي طريق الندب حقيقة، كالأمر الموجب فيما اقترن به الوعيد: يجب حمله على الوجوب بالقرينة (٥).

والجواب عما تعلق به العامة بطريق الوعيد سهل، لأن الدلائل تعارضت:

فما ذكر الفريق الأول يدل على الوجوب في حق الاعتقاد والعمل (٦).

وما ذكر الفريق الثاني يدل على نفي وجوب الاعتقاد دون وجوب العمل، فوقع التعارض في حق وجوب الاعتقاد لا غير، فوجب القول بسقوط وجوب الاعتقاد عينًا لي التعارض، ولا تعارض في حق (٧) وجوب العمل (٨)، فوجب القول به.


(١) راجع فيما تقدم ص ٢٥ - ٢٦ و ٢٨ وما بعدها.
(٢) في أ: "وإن".
(٣) "تعالى" من ب.
(٤) "أما الشرع .... عقلا وشرعًا" من أوليست في الأصل وب.
(٥) "فيكون الأمر ... على الوجوب بالقرينة" من ب.
(٦) في ب: "العمل والاعتقاد".
(٧) "حق" من أ.
(٨) "لا غير فوجب ... وجوب العمل" ليست في ب.