للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتولدات (١)، ولأن في جعل الأمر علة الائتمار، ولا ائتمار في الحال (٢)، يكون قولا بتخصيص العلة، وهو فاسد، على ما يعرف إن شاء الله تعالى - والله الموفق.

مسألة:

وينبني (٣) على ما قلنا:

إذا اقترن بصيغة الأمر قرينة الندب أو الإباحة أو التهديد: لا يكون


(١) مسألة "التولد" هذه ذهب إليها المعتزلة، تأييدًا أو تفسيرًا لرأيهم في حرية الإرادة الإنسانية ونسبة ما ينشأ أو ما يتولد عن فعله من أفعال إليه، طالما كان تحقيقه ناتجًا عن غاية محددة من قبل، فجعلوا الأسباب متصلة بمسبباتها وحققوا هذه الفكرة فيما يخص الإنسان.
وقد عبر التهانوي في "كشاف اصطلاحات الفنون" عن التولد بأنه: "هو الفعل الصادر عن الفاعل بواسطة ويقابله المباشر".
وحدده بعض المعتزلة بأنه "الفعل الذي يكون سببه مني ويحل في غيري".
وحدده آخرون بأنه "الفعل الذي أوجدت سببه، فخرج من أن يمكني تركه، وقد أفعله في نفسي وأفعله في غيري.".
وفسره آخرون بأنه "الفعل الثالث الذي يلي مرادي مثل الألم الذي يلي الضربة، ومثل الذهاب الذي يلي الدفعة".
وقال الإسكافي أحد شيوخ المعتزلة بأنه: "كل فعل يتهيأ وقوعه على الخطأ دون القصد إليه والإرادة له، فهو متولد. وكل فعل لا يتهيأ إلا بقصد يحتاج كل جزء منه إلى عزم وقصد إليه وإرادة له، فهو خارج عن التولد".
ولم يقبل الأشاعرة فكرة التولد لأن الفاعل عندهم هو الله ولأن أفعال الله لا يحدها سلطان ولا تخضع لقانون (انظر: القاضي أبو الحسن عبد الجبار"٤١٥ هـ"، المغني، جـ ٩، التوليد، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر. وعلي سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، دار المعارف، الطبعة السابعة، ١: ٤٧٩ وما بعدها. والمراجع المشار إليها فيه ومنها: الأشعري، مقالات الإسلاميين).
ولعل فكرة التولد هذه تقابل أو تقارب في الفقه الإسلامي: التسبب المقابل للمباشرة فى مجال ضمان المتلفات.
(٢) في (أ) و (ب): "للحال".
(٣) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "ويبتني".