للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحجتهم أن الدليل العقلي سابق، والتخصيص يكون بالدليل المقارن أو المتأخر، على ما اختلفوا فيه، ولأن الدليل العقلي قطعي، والسمعي قطعي، وليسا من باب الكلام، حتي يجعل المراد من العام الخاص، فيجب التوقف في ذلك، بخلاف ما إذا كانا سمعيين، لأن الكلام من جنس الكلام، فيجعل الكلامان كلاماً واحداً، ويصير متكلماً بما سوى المخصوص، والتكلم بالعام ويراد به الخاص جائز، كما في الاستثناء.

فأما عامة الفقهاء [فـ] قالوا: إن الصبيان والجانين هل أريدوا بقوله تعالى: "أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" (١) ودخلوا تحته أم لا؟ فإن قلتم: نعم، فهذا محال عقلا، وهو تكليف من لا يفهم، وتكليف العاجز. وإن قلتم: لا، وعرفنا بالعقل أنهم ما كانوا مرادين بهذا النص، فهذا تفسير التخصيص عندنا. وإن (٢) كنتم لا تسمونه (٣) تخصيصاً، فنحن نسميه تخصيصاً، ومرادنا من التخصيص هذا أن النص العام يراد ول الخاص ولا منازعة في العبارة. فإن قاتم: نتوقف، فهو باطل، لأن العقل يقتضي أنهم غير داخلين تحت الخطاب، فلا يجوز القول بالتوقف من غير دليل.

قولهم: إن الدليل العقلى (٤) قطعي، وهو سابق - فنقول: الدليل ما يكون معرفاً للحكم المطلوب، سواء كان سابقاً أو مقارناً أو متأخراً، فإن الخاص إذا كان سابقاً [فـ] قد يكون محصصاً للعام عند بعض أصحابكم، وهو دليل قطعي سابق، على أن كل سابق مقارن، فيجوز (٥) التخصيص به من حيث إنه مقارن، لا من حيث إنه سابق.


(١) راجع الهامش ٧ ص ٣١٨.
(٢) في أ: "فإن".
(٣) كذا في أ. وفي الأصل: "لا تسمون".
(٤) في أ: "دليل العقل".
(٥) في أ: "فجوزوا".