للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه قول عامة العلماء قوله تعالى: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار" (١) فالجملة الثانية وهي قوله تعالى: "والذين معه أشداء على الكفار" معطوفة (٢) على الجملة الأولى، وهي قوله تعالى: "محمد رسول الله"، ولا يوجب الشركة في الرسالة، التي هي خبر الجملة الأولى - ولهذا نظائر كثيرة في القرآن.

والمعقول في المسألة أن الأصل في كل كلام تام أن ينفرد (٣) بحكمه، ولا يشارك الكلام الأول في حكمه، وإن كان كل معطوفًا عليه بحرف الواو، كقوله: "جاءني زيد وذهب عمرو" فقد (٤) وجد ههنا عطف جملة تامة على جملة تامة من غير وجود الشركة، وهذا لأن في إثبات الشركة جعل الكلامين كلامًا واحدًا، وإنه خلاف الحقيقة، فلا يصار إليه إلا عند الضرورة، فمن ادعى الضرورة فعليه الدليل. وفي المعطوف الناقص ضرورة، حتى يصير مفيدًا (٥)، فوجب القول بالشركة. وكذا الجملة الناقصة من حيث المعنى، بأن كان لا يحصل غرضه ومقصوده بها، كما في قوله: "إن دخلت الدار فامرأتي طالق وعبدي حر" فإن غرضه هو تعليق عتق العبد بدخول الدار لا التنجيز، فكان العطف عليه دليلا على أنه أراد به المشاركة للأول (٦) في التعليق، فيصير الجملة ناقصة من حيث المعنى والغرض، حتى إنه إذا كان في موضع يحصل الغرض بدون المشاركة لا يتعلق، كما لو قال: "إن دخلت الدار فزينب طالق وعمرة طالق":


(١) سورة الفتح: ٢٩ - والآية: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ... ".
(٢) كذا في أ. وفي الأصل و (ب): "معطوف".
(٣) في أ: "يتفرد".
(٤) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "وقد".
(٥) في ب كذا: "مقيدًا".
(٦) في أ: "مشاركة الأول".