للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رووا، وأرسلوا، عمن ليس بثقة. وعلى أن العدل إن كان لا يروي إلا عن عدل، ولكن عمن هو عدل عنده، وقد يكون الإنسان عدلا عند إنسان ولا يكون عدلا عند غيره، لأن أسباب العدالة ظاهرة، والجرح مما يخفى، فيقف عليه البعض دون البعض، والناس في الغالب (١) يبنون الأمور على الظاهر، فكان جائزًا أن الذي أرسل عنه ثقة عند المرسل ولا يكون ثقة عند غيره، فلابد من تسميته بالإسناد حتى يتعرف السامع عن حاله بنفسه.

وجه قول أصحابنا رحمهم الله:

- ما روي عن البراء بن عازب (٢) رضي الله عنه أنه قال: "ليس كل ما حدثناكم به عن النبي عليه السلام سمعناه منه، غير أنا لا نكذب".

- وكذا الإرسال من الصحابة والتابعين معروف (٣) مشهور، ولم ينكر عليهم أحد (٤)، فيكون بمنزلة الإجماع.

- والمعنى في المسألة هو (٥) أن إرسال المرسل العدل يجري مجرى إسناده، إلى من أرسل عنه وتعديله إياه، كأنه قال: "حدثني فلان (٦) وهو عدل عندي" ولو قال هكذا يقبل حديثه، فكذا (٧) إذا صار المرسل في التقدير هكذا: وجب أن يقبل. وبيانه أن المرسل إذا كان عدلا لا يستجيز من


(١) "في الغالب" ليست في ب.
(٢) البراء بن عازب بن الحارث أنصاري أوسي. له ولأبيه صحبة. استصغره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو وابن عمر يوم بدر فردهما ولم يشهداها. وغزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع عشرة غزوة وفي رواية خمس عشرة. وقيل: إنه الذي افتتح الري سنة ٢٤. وشهد مع علي الجمل وصفين وقتال الخوارج ونزل الكوفة ومات في إمارة مصعب بن الزبير وأرخه ابن حبان سنة ٧٢ (ابن حجر، الإصابة، ١: ١٤٢. وانظر الزركلى، الأعلام، ٢: ٤٦).
(٣) "معروف" ليست في ب.
(٤) "أحد" ليست في ب.
(٥) في أ: "وهو".
(٦) في ب كذا: "فلا" مع نقص النون.
(٧) في ب: "وكذا".