للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في حق (١) وجوب العمل. مع أن ههنا وجد رجحان الصدق (٢) من وجوه أخر، لأن الرواة ونقلة الحديث بذلوا أنفسهم وأموالهم في حفظ الأخبار، لإظهار (٣) دين الحق وإحياء سنن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليعتمد عليهم الخلف (٤)، في الأخذ عنهم، فيندر (٥) غاية الندرة أن من بذل عمره وماله وأعض عن كسب حطام الدنيا لهذا الغرض، ثم يروي الحديث كذبًا، ليحصل له شيء قليل، عشر ما أنفق فيه، إلا من باع دينه بالدنيا في رواية الكذب ترويجًا لمذاهبهم الفاسدة، كالكرامية (٦) ونحوهم، ولا كلام في مثل حالهم. ولأن نقلة الحديث معروفون بالجاه والقدر عند الناس لصدقهم، وصحة حديثهم بورعهم (٧) وعدالتهم، والحديث المروي بطريق الكذب مما يعرفه أمثالهم، لاشتهار (٨) الأحاديت الصحيحة، فيظهر ذلك، فيسقط قدرهم وجاههم وخطرهم (٩) عند الناس، فكان صون الجاه حاملا لهم على الصدق، ولأن الشهادة على الله تعالى بالكذب وقصد تغيير دين الحق أمر عظيم، وبناء الشرع (١٠) في حق العمل على أخبار الآحاد، والله تعالى ضمن إبقاء (١١) الدين الحق إلى قيام الساعة، فالظاهر صيانتهم عن الوقوع في (١٢) الكذب قصدًا.


(١) "حق" ليست في ب.
(٢) في (أ) و (ب): "الرجحان للصدق".
(٣) في ب: "لحفظ".
(٤) في أكذا: "الخلق".
(٥) في ب "في الأخذ منهم ويندر".
(٦) أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام. وكان من سجستان ثم خرج إلى نيسابور وقد توفي سنة ٢٥٥ - وهم طائفة عدها الشهرستاني من الصفاتية (انظر بيان مذهبهم في: الشهرستاني، الملل والنحل، ١: ١٠٨ وما بعدها والبغدادي، الفرق بين الفرق ص ٢١٥ - ٢٢٥).
(٧) في أ: "وورعهم".
(٨) في ب: "باشتهار".
(٩) "وخطرهم" ليست في ب.
(١٠) في ب: "الفروع".
(١١) في ب: "بقاء".
(١٢) "الوقوع في" ليست في ب.