للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- واختلف أصحاب الحديث والفقهاء من أصحاب الشافعي:

من قال إن أمره مطلقًا محمول على الوجوب إلا بدليل، قالوا إن أفعاله موجبة (١) إلا بدليل، وهو اختيار الجصاص رحمه الله من أصحابنا.

ومن قال بالتوقف في أوامره، يتوقف (٢) في أفعاله في حقنا.

ومن قال بالندب في أمره، يقول بالندب في فعله.

ومن قال بالإباحة في أمره، يقول بالإباحة في فعله في حقنا. أما أفعاله في حقه [فـ] توصف (٣) بالإباحة، لا محالة، لكونه معصومًا عن المعاصي والقبائح.

وجه قول الواقفية أن فعله محتمل في نفسه: يجوز أن يكون واجبًا، ويجوز أن يكون مندوبًا إليه، ويجوز أن يكون مباحًا، وما هو واجب أو مباح في حقه يجوز أن لا يكون واجبًا ولا يكون (٤) مباحًا في حقنا، كصلاة الليل وحل ما زاد على الأربع، والمحتمل غير معلوم، فيجب التوقف فيه عملا واعتقادًا، حتى يقوم دليل العلم، كما قالوا في أقواله.

وجه قول من قال إنه يحمل على الإباحة، ما ذكرنا: أنه لما كان محتملا في نفسه بين كونه واجبًا أو مندوبًا أو مباحًا (٥)، يجب التوقف في كونه واجبًا ومندوبًا، أما نعلم يقينًا أنه مباح، لأنه معصوم عن مباشرة الحرام فيجب القول بما هو المتيقن، والتوقف في المشكوك والمحتمل، بخلاف أوامره ونواهيه، لأن ثمة قام (٦) الدليل على (٧) أن صيغة الأمر موضوعة للوجوب لغة وشرعًا، والحقيقة هي (٨) الأصل حتى يقوم الدليل على المجاز.


(١) في ب: "لا دو جب".
(٢) في ب: "يقول بالتوقف".
(٣) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "يوصف".
(٤) "يكون" من أ.
(٥) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "ومندوبًا ومباحًا".
(٦) في أ: "لأنه قد قام".
(٧) "على" من أ.
(٨) كذا في أ. وفي الأصل و (ب): "هو".