للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما المعقول - فهو أن في جواز الاجتهاد للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الأحكام الشرعية نوع قبح مخصوص ليس ذلك في اجتهاد غيره، وهو أنه سبب لتنفير الناس عن اتباعه والعمل بشريعته، وهو مبعوث للدعوة إلى شريعته، فلا يجوز أن يكون مأذونًا بما يفضي إلى النفرة عنه، فيؤدي إلى المناقضة. وبيانه أن الناس متى سمعوا أنه يحكم في شريعته برأيه واجتهاده، فقبل أن يتأملوا حق التأمل، وسبق (١) إلى أوهامهم أنه ينصبه (٢) من تلقاء نفسه، وذلك سبب للنفرة (٣)، إذ الطبع ينفر عن اتباع مثله. ولأنه لو جاز له الاجتهاد، ويجوز لمجتهد آخر الاجتهاد أيضًا، يصير غيره مساويًا له في بيان الأحكام، ويجوز لغيره أن يخالفه، لأن على المجتهد أن يعمل باجتهاد نفسه، وإن خالف اجتهاد (٤) من هو أقوى منه، وهذا في غاية القبح - وذلك يندفع بما قلنا.

و (٥) وجه قول العامة - النصوص، والمعقول:

أما النصوص (٦):

- فمنها (٧) قوله تعالى: "فاعتبروا يا أولي الأبصار" (٨) وهذا نص عام.


(١) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "فيسبق".
(٢) في ب: "إلى أفهامهم أن تنصيبه".
(٣) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "النفرة".
(٤) في ب: "اجتهاده".
(٥) "و" ليست في (أ) و (ب).
(٦) في أ: "النص".
(٧) الفاء من ب. و"منها" من أ.
(٨) سورة الحشر: ٢ - والآية: "هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار". وانظر أيضًا: آل عمران: ١٣. والنور: ٤٤.