للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه قول أصحاب الظواهر، وهو أنه قام (١) الدليل عندنا أن القياس وخبر الواحد ليسد بحجة، فكان مدار الإجماع على ما ليس بحجة، فلا يكون حجة، لاتفاقنا أن الإجماع لا ينعقد إلا عن دليل، و (٢) لا ينعقد بالإلهام والتقليد، فيكون الإجماع بناء على هذا الأصل، ويرجع (٣) الكلام إليه. ولأن الإجماع (٤) الذي هو حجة هو إجماع جميع العلماء، بالدلائل السمعية. ونحن لا نوافقكم في الإجماع بالقياس وخبر الواحد، فكيف ينعقد الإجماع مع مخالفة البعض؟ (٥).

ووجه قول من فرق بين الاجتهاد وخبر الواحد، وهو أن الناس خلقوا على همم متفاوتة وآراء مختلفة وأغراض متباينة، فلا يتصور اجتماعهم على شيء إلا لداع دعاهم إليه، وجامع جمعهم عليه، وهو سماع (٦) الحديث ممن التزموا (٧) طاعته، وانقادوا لحكمه. فتعين هذا طريقًا للإجماع، وهو صالح. فأما الاجتهاد بالرأي مع اختلاف الأراء والدواعي، فلا يصلح جامعًا.

وجه قول من قال إن الإجماع لا يكون إلا عن قياس وخبر الواحد، وهو أنا اتفقنا أن الإجماع حجة قطعًا، ولو لم ينعقد الإجماع (٨) إلا في موضع فيه دليل قاطع، والحكم (٩) به معلوم، فلا فائدة في انعقاد (١٠) الإجماع


(١) في ب كذا: "فاد".
(٢) في ب: "حتى".
(٣) في ب: "فيرجع".
(٤) في ب: "إجماع".
(٥) في ب: "مع مخالفة النص".
(٦) في أ: "سماعهم".
(٧) في ب: "الزموا".
(٨) "الاجماع" من أ.
(٩) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "فالحكم".
(١٠) في ب كذا: "في انعقاده الإجماع".