للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حجة، ولا يرد الشرع بما لا فائدة فيه للعباد، إذ الشرائع ما شرعت إلا لمصلحة العباد وفائدتهم. ومع هذا ثبت بالدلائل السمعية كون الإجماع حجة قطعًا (١) - دل أن المراد منه هو الإجماع الذي ينعقد عن القياس وخبر الواحد، لأن في انعقاده فائدة، وهو ثبوت الحكم قطعًا، لأنه لا تيقن (٢) في ثبوت الحكم بهما (٣). ولأن الإجماع إنما عرف حجة بطريق الكرامة لهذه الأمة، لحاجتهم إلى ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء عليهم السلام (٤). ومتى وقعت حادثة ليس فيها نص قاطع وعملوا فيها (٥) بالاجتهاد، وهو محتمل للخطأ، وجاز أن يكونوا على الخطأ، كان قولا بخروج (٦) الحق عن جيمع الأمة، وإنه لا يجوز، وتمس الحاجة إلى تجديد الرسالة، ولا وجه إليه، لإخبار الله تعالى بكون رسولنا خاتم الأنبياء، فصار الإجماع حجة لهذه الحاجة - ألا ترى أن إجماع الأمم السالفة ليس بحجة، لما أنه لا حاجة إليه، لوجود الدليل القاطع حال حياة رسلهم، وبعد وفاتهم تتجدد الرسالة، ولهذا لا ينعقد الإجماع في حال حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأنه لا حاجة.

وإذا ثبت هذا نقول: إن الحاجة في موضع القياس وخبر الواحد، دون موضع الآية المفسرة والخبر المتواتر، لأنه لم يثبت الحكم قطعًا في أحد الموضعين وثبت (٧) في الموضع الآخر، فينعقد في موضع الحاجة، لا في موضع لم تمس الحاجة.


(١) "قطعاً" من (أ) و (ب).
(٢) في ب: "لا يتيقن" مع عدم النقط.
(٣) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "بها".
(٤) "عليهم السلام" من أ.
(٥) "فيها" عن (أ) و (ب).
(٦) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "لخروج".
(٧) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "ويثبت".