للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ثم نقول: لم قلتم بأنه لا يجوز أن يكون الحكمة في البيان بطريق الخفاء، لا بطريق الظهور بلا شبهة، حتى يكون للسامع (١) فضل العلم بالتأمل (٢)، واستخرج المراد من السؤال، ممن هو أعلم منه. أو يكون فيه تحقيق الابتلاء بالاستدلال - ألا ترى أن الدلائل العقلية، مع كونها قاطعة، يكون، بعضعها خفياً (٣) لا يدرك إلا بالتأمل، حتى جرى الخلاف بين العقلاء فيه. والله تعالى خلق الشبهات بمقابلتها لما رأى كل من الحكم، وإلا لو جعل الدلائل كلها ظاهرة جلية ما وقع الخلاف في شيء من الأحكام العقلية والشرعية، مع أنا لما أقمنا الدلائل على شرعية القياس بالكتاب وإجماع الصحابة يجب القول بوجود الحكمة (٤) فيه، وإن كان أدون البيانين، لأن الله تعالى لا يشرع حكماً من غير حكمة، تعالى الله عن خلافه، ويجب الاعتقاد بأن (٥) فيه حكمة وإن لم نعقل وجهها - والله أعلم.

- قولهم: إن القياس دليل محتمل للغلط، وهو حجة عند الحاجة - قلنا: بلى إنه دليل محتمل (٦)، ولكن بالناس حاجة إلى القياس، لأن الحوادث إلى آخر الدهر كثيرة لا تتناهى، وليس في النصوص بيان الكل، فعلى ما شرع الله تعالى: الشرائع والأحكام المنصوصة مقصورة على (٧) الحوادث، [فـ] تقع الحاجة لهم إلى إستنباط المعاني المودعة في النصوص، وإن كان الله تعالى قادراً على شرع الشرائع بطريق لا تمس (٨) بهم (٩) الحاجة


(١) في ب: "السامع".
(٢) كذا في أ. وفي الاصل: "التعلم بالتأمل". وفي ب: "التعلم والتأمل".
(٣) كذا في أو ب. وفي الأصل: "خفية".
(٤) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "الحكم".
(٥) في ب: "بأنه".
(٦) في ب: "يحتمل".
(٧) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "عن".
(٨) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "لا يمس".
(٩) في أ: "لهم".