للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير الخصوص، فإن المعاني التي تقتضي الوجوب في حالة الاختيار لم ينعدم حالة الضرورة، ثم امتنع الحكم لمكان الضرورة والحرج. وفي المحرمات من الميتة وغيرها: ثبتت مطاقة لمعان معلومة، ثم أحلت حالة الضرورة مع قيام المعنى الوجب للحرمة، لاعتراض الضرورة.

وكذلك قال أصحابنا رحمهم الله بالقياس والاستحسان، وهو تفسير الخصوص. فإن معنى القياس يوجب الحكم عامًا في كل موضع وجد فيه، ثم استحسنوا في موضع، ولم يثبتوا في موضع الاستحسان ذلك الحكم، بل خلافه مع وجود معنى القياس، لنص ورد أو لضرورة دعت أو لمصاحة ظهرت - وهذا عين تخصيص العلة.

وجه قول المنكرين لتخصيص العلة: إن القول بالجواز يؤدي إلى نسبة (١) التناقض إلى الشرع، تعالى الله (٢) وجل، عن ذلك. بيانه أن من بين علة في موضع الإجماع وجعل حدها هو التأثير (٣) أو الاطراد أو الإخالة، على حسب ما اختلفوا فيه، ثم إذا وجدت تلك العلة في موضع آخر متعرية عن الحكم, فلا يخلو: إما أن يقول بأن ذلك الوصف علة شرعًا في ذلك الوضع، لكن امتنع الحكم لمانع. أو يقول بأنه يخرج من أن يكون علة فيه، لمانع شرعًا. فإن قال بأنه علة فيه ولم يثبت الحكم لمانع، فقد نسب التناقض إلى الشرع، لأن (٤) علل الشرع كلها (٥) أمارات ودلائل على أحكام الله تعالى، والدليل ما يظهر به المدلول، فكأن الشرع


(١) كذا في ب: "نسبة". وقد وردت هذه الكلمة في هامش الأصل غير واضحة.
(٢) "الله" من ب.
(٣) في ب: "هو الثابت".
(٤) في ب: "فإن".
(٥) "كلها" من ب.