للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن من الأشياء ما هو ضار في حق شخص، نافع في حق شخص آخر، لاختلاف الطباع، والطبيب الحاذق يعرف ذلك، فيبني الأمر على قوله، والله تعالى هو العالم بمصالح الأوقات، وهو الرؤوف. بعباده، ونحن لا نقف على حقيقته، فمتي جاء النص فى خلاف الحكم الأول متأخراً عنه، علم، بطريق الضرورة، أن المصلحة تغيرت، وعند تغير المصلحة، تكون الحكمة في تغير المشروع لا في الإبقاء.

- وخرج الجواب عن قولهم: إن المشروع لا يكون إلا لمصلحة - فبلى (١)، ولكن ما شرع فيه النسخ لا يعرف فيه المصلحة إلا من الشرع. أما لا تعرف من جهة العقل إلا بإشارات النصوص (٢) - على ما نذكر. فإذا جاء الناسخ دل على تغير المصلحة، وليس شرط المصلحة هو البقاء أبداً، كما في الحار والبارد، في حق شخص واحد عند اختلاف الأزمان، فلم يكن - النسخ مقصوراً على ما قالوا، بل ههنا قسم آخر، وهو ما ذكرنا، وليس في هذا النوع من النسخ بداء أو تغيير (٣). وفيما قلتم من النوع بداء، فلذلك (٤) لم يجز ذلك النوع (٥) دون. هذا. إذ النسخ (٦) عند الفقهاء عبارة عما قلنا، وإنه ليس ببداء ورجوع، وما ذكرتم ليس بنسخ، بل رجوع وبداء - والله الموفق.


(١) بلي حرف جواب، يجاب به النفي خاصة، ويفيد إبطاله سواء أكان هذا النفي مع استفهام أم دونه (المعجم الوسيط).
(٢) "إلا بإشارات النصوص" من ب.
(٣) في الأصل كذا: "بدا وتغيير". وفي ب كذا: "بدا وعر"
(٤) في ب: "فذلك".
(٥) في الأصل هنا عبارة "من النسخ" ثم شطبت. وليست في ب.
(٦) كذا في ب. وفي الأصل: "والنسخ".