للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي داخلة أيضاً في قول الله تعالى: (وَتَعاونُوا على البِرّ والتَّقْوَى) ، [المائدة: ٢] وهذا أحسن ما يُستدلّ به في التعزية.

٤٤٦ - وثبت في الصحيح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " وَاللَّهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ

العَبْدُ في عَوْن أخيه ".

واعلم أن التعزية مستحبّة قبل الدفن وبعده.

قال أصحابنا: يدخل وقت التعزية من حين يموت، ويبقى إلى ثلاثة أيام بعد الدفن.

والثلاثة على التقريب لا على التحديد، كذا قاله الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا.

قال أصحابنا: ونكره التعزية بعد ثلاثة أيام، لأن التعزية لتسكين قلب المُصاب، والغالب سكون قلبه بعد الثلاثة، فلا يجدّد له الحزن، هكذا قاله الجماهير من أصحابنا.

وقال أبو العباس ابن القاص من أصحابنا: لا بأس بالتعزية بعد الثلاثة، بل يبقى أبداً وإن طال الزمان، وحكى هذا أيضاً إمام الحرمين عن بعض أصحابنا، والمختار أنها لا تفعل بعد ثلاثة أيام إلا في صورتين استثناهما أصحابنا أو جماعة منهم، وهما إذا كان المعزِّي أو صاحب المصيبة غائباً حال الدفن، واتفق رجوعه بعد الثلاثة، قال أصحابنا: التعزية بعد الدفن أفضل منها قبله، لأن أهل الميت مشغولون بتجهيزه، ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر، هذا إذا لم يرَ منهم جزعاً شديداً، فإن رآه قدّم التعزية ليسكِّنهم، والله تعالى أعلم.

[فصل] :

ويستحبّ أن يعمَّ بالتعزية جميعَ أهل الميت وأقاربه الكبار والصغار والرجال والنساء، إلا أن تكون امرأةً شابّةً، فلا يعزّيها إلا محارمُها وقال أصحابنا: وتعزيةُ الصلحاء والضعفاء على احتمال المصيبة والصبيان آكد.

[فصل] :

قال الشافعي وأصحابنا رحمهم الله: يُكره الجلوس للتعزية (١) قالوا: يعني بالجلوس أن يجتمعَ أهلُ الميت في بيت ليقصدَهم مَن أراد التعزية، بل ينبغي أن يَتَصرَّفوا في حوائجهم ولا فرقَ بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها، صرَّحَ به المحاملي، ونقله عن نصّ الشافعي رضي الله عنه، وهذه كراهةُ تنزيه إذا لم يكن معها مُحدَثٌ آخر،


(١) قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": قالوا: لأنه محدث، وهو بدعة، ولأنه جدد الحزن ويكلف المعزى، وما ثبت عن عائشة من أنه صلى الله عليه وسلم، لما جاءه خبر قتل زيدُ بنُ حارثةَ وجعفر وابن رواة جلس في المسجد
يعرف في وجهه الحزن "، فلا نسلم أن جلوسه كان لأجل أن الناس فيعزوه، فلم يثبت ما يعدل عليه.
(*)

<<  <   >  >>