للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(بابُ ما جاء في كَراهةِ الإِشارة بالسَّلام باليد ونحوها بلا لفظ)

٧١٠ - روينا في كتاب الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنَّصَارَى، فإنَّ تَسْلِيمَ اليَهُودِ الإِشارَةُ بالأصَابِعِ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الإِشارَةُ بالكَفّ " قال الترمذي: إسناده ضعيف (١) .

٧١١ - قلت: وأما الحديث الذي رويناه في كتاب الترمذي عن أسماءَ بنت يزيد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ في المسجد يوماً، وعصبةٌ من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم " قال الترمذي: حديث حسن، فهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإِشارة، يدلّ على هذا أن أبا داود روى هذا الحديث، وقال في روايته: " فسلم علينا ".

(بابُ حُكْمِ السَّلاَم)

اعلم أن ابتداء السَّلامِ سنَّةٌ مستحبّة ليس بواجب، وهو سنّةٌ على الكفاية، فإن كان المسلِّم جماعة، كفى عنهم تسليمُ واحد منهم، ولو سلَّموا كلُّهم كان أفضل.

قال الإِمام القاضي حسين من أئمة أصحابنا في كتاب السير من تعليقه: ليس لنا سنّة على الكفاية إلا هذا.

قلت: وهذا الذي قاله القاضي من الحصر يُنكر عليه، فإن أصحابنا رحمهم الله

قالوا: تشميتُ العاطسِ سنّةٌ على الكفاية كما سيأتي بيانه قريباً إن شاء الله تعالى.

وقال جماعة من أصحابنا بل كلهم: الأُضحية سنّةٌ على الكفاية في حقّ كل أهل بيت، فإذا ضحَّى واحد منهم حصل الشِّعار والسنّة لجميعهم.

وأما ردّ السلام، فإن كان المسلَّم عليه واحداً تعيَّنَ عليه الردّ، وإن كانوا جماعةً، كان ردّ السلام فرضُ كفايةٍ عليهم، فإن ردّ واحد منهم سقطَ الحرج عن الباقين، وإن تركوه كلُّهم، أثموا كلُّهم، وإن ردّوا كلُّهم، فهو النهاية في الكمال والفضيلة، كذا قاله أصحابنا، وهو ظاهر حسن.

واتفق أصحابنا على أنه لو ردّ غيرُهم، لم يسقط الرد، بل يجب عليهم أن يردّوا، فإن اقتصروا على ردّ ذلك الأجنبيّ أثموا.

٧١٢ - روينا في سنن أبي داود عن عليّ رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:


(١) ولكن له شواهد بمعناه يقو بها، ومن المقرر في الشريعة الإسلامي أنه لا يجوز للمسلمين رجلا ونساء التشبة بالمفار سواء في عباداتهم، أو أعيادهم، أو زيائهم الخاصة بهم، والأدلة على ذلك في الكتاب والسنّة كثيرة جدا.
(*)

<<  <   >  >>