أفضل، فكان ما طوّلَ به أفضل.
وذهب بعض العلماء إلى أن السجود أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدّم: " أقْرَبُ ما يَكُونَ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وهو ساجد ".
قال الإِمام أبو عيسى الترمذي في كتابه: اختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم: طولُ القيام في الصلاة أفضل من كثرة الركوع والسجود.
وقال بعضهم: كثرةُ الركوع والسجود أفضلُ من طول القيام.
وقال أحمد بن حنبل رحمة الله: روي فيه حديثان عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقضِ فيه أحمد بشئ.
وقال إسحاق: أما بالنهار، فكثرةُ الركوع والسجود، وأما بالليل، فطولُ القيام، إلا أن يكون رجل له جزء بالليل يأتي عليه، فكثرة الركوع والسجود في هذا أحبُّ إليّ لأنه يأتي على حزبه، وقد ربح كثرة الركوع والسجود.
قال الترمذي: وإنما قال إسحاق هذا لأنه وصفَ صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم بالليل، ووصفَ طول القيام، وأما بالنهار، فلم يُوصف من صلاته صلى الله عليه وسلم من طول القيام ما وُصف بالليل.
فصل:
إذا سجد للتلاوة، استُحبّ أن يقول في سجوده ما ذكرناهُ في سجود الصلاة، ويستحبّ أن يقول معه: ١٥٣ - " اللَّهُمَّ اجْعَلْها لي عِنْدَكَ ذُخْراً، وأعْظِمْ لي بِهَا أجْراً، وَضَعْ عَنِّي بِها وِزْراً،
وَتَقَبَّلْها مِنِّي كما تَقَبَّلْتَها مِنْ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ ".
ويُستَحبّ أن يقول أيضاً: " سُبْحانَ رَبِّنا إنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً " نصَّ الشافعي على هذا الأخير.
١٥٤ - روينا في سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن: " سَجَدَ وَجْهِي للَّذي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ " قال الترمذي: حديث صحيح، زاد الحاكم: " فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ " قال: وهذه الزيادة صحيحة على شرط " الصحيحين ".
وأما قوله: " اللَّهمّ اجعلها لي ذخراً ... الخ " فرواه الترمذي مرفوعاً من رواية ابن عباس رضي الله عنهما بإسناد حسن.
وقال الحاكم: حديث صحيح.
(باب ما يقولُ في رفعِ رأسه من السجود وفي الجلوس بين السجدتين)
السنّة: أن يُكَبِّرَ من حين يبتدئ بالرفع ويمدّ التكبير إلى أن يستويَ جالساً، وقد قدَّمنا بيانَ عدد التكبيرات، والخلاف في مدّها، والمدّ المبطل لها، فإذا فَرغَ من التكبير واستوى جالساً، فالسنّة أن يدعو بما رويناه في سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي،