للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرّت جنازة فأثنوا عليها شرّاً، فلم ينكر عليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، بل قال: وجبتْ.

واختلف العلماءُ في الجمع بين هذه النصوص على أقوال: أصحُّها وأظهرُها: أن أمواتَ الكفار يجوز ذكر مساويهم، وأما أمواتُ المسلمين المعلنين بفسق أو بدعة أو نحوهما، فيجوز ذكرُهم بذلك إذا كان فيه مصلحة، لحاجة إليه للتحذير من حالهم، والتنفير من قبول ما قالوه، والاقتداء بهم فيما فعلوه، وإن لم تكن حاجة لم يجزْ، وعلى هذا التفصيل تُنَزَّلُ هذه النصوص، وقد أجمعَ العلماءُ على جرح المجروح من الرواة، والله أعلم.

(بابُ ما يقولُه زائرُ القبور)

٤٨٣ - روينا في " صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلّمَا كان ليلتُها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجُ من آخر الليل إلى البقيع فيقول: " السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنينَ، وَأتاكُمْ ما تُوعَدُونَ، غَداً مُؤَجَّلُونَ، وَإنَّا إنْ شاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ ".

وروينا في " صحيح مسلم " عن عائشة أيضاً، أنها قالت: كيف أقولُ يا رسولَ الله؟ - تعني في زيارة القبور - قال: قُولي: " السَّلامُ على أهْلِ الدّيارِ مِنَ المُؤْمنينَ وَالمُسْلمينَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَمِنَّا وَالمُسْتأخِرِين، وَإنَّا إنْ شاءَ اللَّه بِكُمْ لاحِقُونَ ".

٤٨٤ - ورَوينا بالأسانيد الصحيحة (١) في سنن أبي داود، والنسائي، وابن ماجه، عن أبي هُريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج إلى المقبرة، فقال: " السَّلامُ عَلَيكُم دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللَّهُ بكم لاحقون " (٢) .


(١) = وكان اتخذ للضيفان جفنة يرقى إليها بسلم، وكان من بني تيم بن مرّة من أقرباء عائشة رضي الله عنها، إذ هو ابن عمّ أبي قحافة والد الصديق، وكان من رؤساء قريش في الجاهلية.
وفي الصحيح عن عائشة قالت: قلت: يارسول الله إن ابن جُدْعَان كان في الجاهلية يَصل الرحم، ويُطعم المسكين، فهل ذلك نافعه؟ قال: لا إنه لم يقلْ يوماً: ربِّ اغفرْ لي خطيئتي يومَ الدين، رواه مسلم، قال الحافظ: وسُمِّي في طريق أخرى عند أحمد أيضاً عن عائشة قالت: (يا رسول الله إن عبد الله بن جدعان ... فذكره) وزاد: (يقري الضيف، ويفكّ العاني، ويحسن الجوار) وزاد فيه أبو يعلى من هذا الوجه (ويكفّ الأذى فأثيب عليه) اهـ.
(١) قال ابن علاّن في شرح الأذكار: قال الحافظ: في هذا ما يوهم أن للحديث طرقا إلى أبي هريرة، وليس كذلك، إنما هو إفراد العلاء عن أبيه - هو عبد الرحمن بن يعقوب - عن أبي هريرة، وكلهم مدارهم على العلاء بن عبد الرحمن، نعم له طريق أخرى عند ابن السني مَنْ رواية الأعرج عن أبي هريرة.
(٢) وهو حديث صحيح، قال ابن علاّن في شرح الأذكار: قال الحافظ: وأخرجه مسلم أيضاً من جملة حديث طويل، قال وعجب للشيخ - يعني النووي - كيف أغفل نسبة لمسلم قال: وأظن السبب أنه لم يخرجه في الجائز لأبي داود، بل أخرجه في الطهارة، لكن النسائي أخرجه أيضا في الطهارة.
(*)

<<  <   >  >>