للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(بابُ نهيِ العالم وغيرِه أن يُحدِّثَ الناسَ بما لا يَفهمونه، أو يُخافُ عليهم من تحريف معناه وحملِهِ على خلاف المراد منه)

قال الله تعالى: (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) [إبراهيم: ٤] .

٩٧٨ - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لمعاذ رضي الله عنه حين طوَّل الصلاة بالجماعة: " أفتَّانٌ أنْتَ (١) يا مُعاذُ "؟.

٩٧٩ - وروينا في " صحيح البخاري " عن عليّ رضي الله عنه قال: " حدّثوا الناسَ بما يَعرفون (٢) ، أتحِبُّون أن يُكذَّب اللَّهُ ورسولُه " (٤) .

(بابُ استنصات العالم والواعظِ حاضري مجلسِه ليتوَفَّروا على استماعِه)

٩٨٠ - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال لي النبيّ (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع: " اسْتَنْصِتِ الناسَ "، ثم قال: " لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ ".

(بابُ ما يقولُه الرجلُ المُقتدى به)

إذا فعل شيئاً في ظاهره مخالفةٌ للصوابِ مع أنه صَوَابٌ اعلم أنه يُستحبُّ للعالم والمعلّم والقاضي والمفتي والشيخ المربّي وغيرهم ممّن يقتدى به ويؤخذ عنه: أن يجتنب الأفعالَ والأقوالَ والتصرّفات التي ظاهرها خلاف الصواب وإن كان محقّاً فيها، لأنه إذا فعلَ ذلك ترتَّبَ عليه مفاسد، من جملتها: توهم كثير ممّن يعلم ذلك منه أن هذا جائز على ظاهره بكل حال، وأن يبقى ذلك شرعاً وأمراً معمولاً به أبداً، ومنها وقوع الناس فيه بالتنقص، واعتقادهم نقصه، وإطلاق ألسنتهم بذلك، ومنها أن الناس يُسيئون الظنّ به فينفرون عنه، ويُنَفِّرون غيرهم عن أخذ العلم


(١) صيغة مبالغة من الفتنة.
وفي البخاري أنه ذلك ثلاثا، أو قال: فاتن كذلك، ومعنى الفتنة هنا أن التطويل سبب لخروجهم من الصلاة ولكراهة الجماعة، وقيل: العذاب لانه عذبهم بالتطويل.
(٢) حدثوا الناس: أي كلموهم بما يعرفون: أي يدر كون بعقولهم، زاد أبو نُعيم في " مستخرجه " " ودعوا ما ينكرون، واتركوا ما يشتبه عليهم فهمه ".
(٣) لان السمامع لما لم يفهمه يعتقد استحالته جهلا فلا يعرف وجوده، فيلزم التكذيب.
(٤) وجاء في " صحيح مسلم " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ".
(*)

<<  <   >  >>