للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنده، فقيل له: فعلتَ هذا؟ فقال: فعلته ليراني الجهّالُ مثلكُم، وفي رواية: ليراني أحمق مثلك.

(بابُ النَّهي عن انتهارِ الفُقَراءِ والضُّعَفاءِ واليتيم والسَّائلِ ونحوهم، وإلانةُ القوْل لهم والتواضعُ معهم)

قال الله تعالى: (فأمَّا اليَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ، وأمَّا السَّائلَ فَلا تَنْهَرْ) [الضحى: ٩ - ١٠] وقال تعالى: (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) ... إلى قوله تعالى: (فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنعام: ٥٢] وقال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ) [الكهف: ٢٨] وقال تعالى: (وَاخْفِضْ جَناحَكَ للِمُؤْمِنِينَ) [الحجر: ٨٨] .

١٠٨٢ - وروينا في " صحيح مسلم " عن عائذ بن عمرو - بالذال المعجمة - الصحابي رضي الله عنه: أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر، فقالوا: ما أخذتْ سيوفُ الله من عنق عدوّ الله مأخذها، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدِهم، فأتى النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) فأخبره، فقال: " يا أبا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أغْضَبْتَهُمْ؟ لَئِنْ كُنْتَ أغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أغْضَبْتَ رَبَّكَ " (١) ، فأتاهم فقال: يا إخوتاه أغضبتُكم؟ فقالوا: لا.

قلت: قولهم مأخذَها، بفتح الخاء: أي لم تستوفِ حقها من عنقه لسوء فعاله.

(بابٌ في ألفاظٍ يُكرهُ استعمالُها)

١٠٨٣ - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن سهل بن حُنيف، وعن عائشة رضي الله عنهما عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي ".

١٠٨٤ - وروينا في سنن أبي داود بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ جاشَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي ".

قال العلماء: معنى لَقِسَتْ وجاشت (٢) : غثت، قالوا: وإنما كُرِه " خبثت " للفظ الخبث والخبث.

قال الإِمام أبو سليمان الخطابي: لقست وخبثت معناهما واحد، وإنما كُره خبث


(١) وفي الحديث فضيلة ظاهرة لسلمان ورفقته، وفيه مراعاة قلوب الضعفاء، وأهل الدين وإكرمهم
وملاطفتهم.
(٢) وهي من الارتفاع كأن ما في البطن يرتفع إلى الحلق فيحصل الغثي، والمعنى: ضاقت.
(*)

<<  <   >  >>