للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(بابُ تَحريمِ احْتِقار المسلمينَ والسُّخْرِيةِ منهم)

قال الله تعالى: (الَّذِينَ يلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ في الصَّدَقَاتِ وَالَّذينَ لا يَجدُونَ إلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ) [التوبة: ٧٩] .

وقال تعالى: (يا أيُّها الَّذين آمَنُوا لا يَسخَرُ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسَى أنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أنْفُسَكُمْ وَلا تَابَزُوا بالألْقابِ) الآية [الحجرات: ١١] .

وقال تعالى: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) [الهمزة: ١] .

وأما الأحاديث الصحيحةُ في هذا الباب فأكثرُ من أن تُحصر، وإجماعُ الأمة منعقدٌ على تحريم ذلك، والله أعلم.

١٠٥٩ - وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " لا تَحاسَدُوا، وَلا تَناجَشُوا، وَلا تَباغَضُوا، ولا تدابروا، ولا يَبْغِ بَعْضُكُمْ على بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْواناً، المُسلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا - ويشيرِ إلى صدره ثلاثَ مرات - بحسب امرئ مِنَ الشَّرّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ ومَالُهُ وَعِرْضُهُ ".

قلتُ: ما أعظم نفع هذا الحديث وأكثر فوائده لمن تدبره.

١٠٦٠ - وروينا في " صحيح مسلم " عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبيّ (صلى الله عليه وسلم)

قال: " لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ [كان] في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، فقال رجلٌ: إن الرجلَ يُحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً، قال: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ".

قلتُ: بَطر الحقّ، بفتح الباء والطاء المهملة وهو دفعه وإبطاله، وغمطٌ بفتح الغين المعجمة وإسكان الميم وآخره طاء مهملة، ويروى غمص، بالصاد المهملة ومعناهما واحد وهو الاحتقار.


= وصف - يعني الترمذي - كلاٍّ منهما بالحسن الغرابة، فأما الغرابة، فلتفرّد بعض رواة كلٍّ منهما عن شيخه، فهي غرابة نسبية، وأما الحسن فلاعتضاد كل منهم بالاخر.
(*)

<<  <   >  >>