للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غُلامُ، سَمّ الله تعالى، وكُلْ بِيَمينِكَ، وكُلْ مِمَّا يَلِيكَ ".

وفي رِوَاية في الصحيح قال: " أكلتُ يوماً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلتُ آكلُ من نواحي الصحفة، فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: كُلْ مِمَّا يَلِيكَ ".

قُلت: قولُه: تطِيشُ، بكسر الطاء وبعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، ومعناه: تتحرّك وتمتدّ إلى نواحي الصحفة ولا تقتصرُ على موضع واحد.

٦٧٠ - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن جبلةَ بن سحيم قال: أصابَنَا عامُ سَنةٍ مع ابن الزبير، فرزقنا تمرا، فكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يمرّ بنا ونحن نأكلُ، ويقولُ: لا تقارِنُوا (١) ، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الإِقران (٢) ، ثم يقول: " إلاَّ أنْ يَسْتأذِنَ الرَّجُلُ أخاهُ ".

قلت: قوله: لا تقارنوا، أي: لا يأكل الرجل تمرتين في لقمة واحدة.

٦٧١ - وروينا في " صحيح مسلم " عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، أن رجلاً أكل عندَ النبيّ صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: " كُلْ بِيَمِينِكَ " (٣) ; قال: لا أستطيع، قال: " لا اسْتَطَعْتَ " (٤) ، ما منعه إلا الكبر (٥) ، فما رفعها إلى فِيْه ".

قلتُ: هذا الرجل هو بُسر، بضم الموحدة وبالسين المهملة: ابن راعي العَير بالمثناة وفتح العين، وهو صحابي، وقد أوضحتُ حالَه، وشرح هذا الحديث في " شرح صحيح مسلم " والله أعلم.


(١) وفي رواية: لا تقرنوا.
(٢) كذا لأكثر الرواة، وأخرجه أبو داود الطيالسي بلفظ القران، قال ابن الأثير في " النهاية ": إنما نهى عن القران لأن فيه شرها، وذلك يزري بفاعله، أو لأن فيه غبنا لرفيقه، وقيل: إنما نهي عنه لما كانوا في من شدة العيش وقلة الطعام، وكانوا مع هذا يواسون من قليل، فوذا اجتمعوا على الآكل آثر بعضهم بعضا على نفسه، وربما كان في القوم من قد اشتد جوعه، فربما قرن بين التمرتين أو عطم اللقمه ة، فأرشدهم إلى الاذن فيه ليطلب به أنفس الباقين.
(٣) كل بمينك، فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى في الأكل.
(٤) فيه جواز الدعاء على مَن خالف الحكم الشرعي بلا إذن.
(٥) محل النهي عن الأكل بالشمال حيث لا عذر، فإن كان عذر يمنع عن الأكل باليمين من مرض وجراحة أو غير ذلك فلا كراهة في الأكل بالشمال.
(*)

<<  <   >  >>