الثالث: الاستفتاء، بأن يقولَ للمفتي: ظلمني، أبي أو أخي، أو فلان بكذا، فهل
له ذلك، أم لا؟ وما طريقي في الخلاص منه وتحصيل حقّي ودفع الظلم عني؟ ونحو ذلك.
وكذلك قوله: زوجتي تفعلُ معي كذا، أو زوجي يفعلُ كذا، ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة، ولكن الأحوط أن يقول: ما تقولُ في رجل كان من أمره كذا، أو في زوج أو زوجة تفعلُ كذا، ونحو ذلك، فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين، ومع ذلك فالتعيين جائز، لحديث هند الذي سنذكره إن شاء الله تعالى، وقولُها:" يا رسول الله، إن أبا سفيانَ رجلٌ شحيح.." الحديث، ولم ينهها رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) .
الرابع: تحذير المسلمين من الشرّ ونصيحتهم، وذلك من وجوه: منها جرح المجروحين من الرواة للحديث والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة.
ومننها ما استشارك إنسان في مصاهرته، أو مشاركته، أو إيداعه، أو الإِيداع عنده، أو معاملته بغير ذلك، وجب عليك أن تذكر له ما تعلمه منه على جهة النصيحة، فإن حصل الغرض بمجرّد قولك لا تصلحُ لك معاملتُه، أو مصاهرُته، أو لا تفعلْ هذا، أو نحو ذلك، لم تجز الزيادةُ بذكر المساوئ وإن لم يحصل الغرض إلا بالتصريح بعينه فاذكره بصريحه.
ومنها إذا رأيتَ مَن يشتري عبداً يعروف بالسرقة أو الزنا أو الشرب أو غيرها، فعليك أن تبيّن ذلك للمشتري إن لم يكن عالماً به، ولا يختصّ بذلك، بل كل من علم بالسلعة المبيعة عيباً وجب عليه بيانه للمشتري إذا لم يعلمه.
ومنها إذا رأيت متفقهاً يتردَّدُ إلى مبتدعٍ أو فاسقٍ يأخذ عنه العلم خِفْتَ أن يتضرَّرَ المتفقّه بذلك، فعليك نصيحته ببيان حاله، ويُشترط أن يقصدَ النصيحةَ، وهذا مما يُغلَطُ فيه، وقد يَحملُ المُتكلمَ بذلك الحسدُ، أو يُلَبِّسُ الشيطانُ عليه ذلك، ويُخيَّلُ إليه أنه نصيحةٌ وشفقةٌ، فليتفطَّنْ لذلك.
ومنها أن لا يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها، إما بأن لا يكون صالحاً لها، وإما
بأن يكون فاسقاً أو مغفلاً ونحو ذلك، فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ليزيلَه ويُولِّي من يَصلحُ أو يعلم ذلك منه لتعامله بمقتضة حاله ولا يغترّ به، وأن يسعى في أن يحثَّه على الاستقامة أو يستبدل به.
الخامس: أن يكون مُجاهراً بفسقه أو بدعته، كالمجاهر بشرب الخمر، أو مصادرة