للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كراهةَ فيه، بل هو مستحبّ، وقد تظاهرت الأحاديثُ الصحيحةُ به، وكذلك الحديثُ للغدر والأمور العارضة لا بأس به، وقد اشتهرت الأحاديثُ بكل ما ذكرتُه، وأنا أُشيرُ إلى بعضها مختصراً، وأرمزُ إلى كثير منها.

١١٢٣ - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي بَرزةَ رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يكرهُ النومَ قبل العِشاء (١) والحديثَ بعدَها.

وأما الأحاديث بالترخيص في الكلام للأمور التي قدّمتُها فكثيرةٌ.

١١٢٤ - فمن ذلك حديث ابن عمر في " الصحيحين ": أن رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) صلَّى العشاءَ في آخر حياته، فلما سلَّم قال: " أرأيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فإنَّ على رأسِ مِئَةِ سَنَةٍ

لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ على ظَهْرِ الأرْضِ اليَوْمَ أحَدٌ ".

١١٢٥ - ومنها حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، في " صحيحيهما ": أن رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) أعتم بالصلاة حتى ابهارّ الليلُ، ثم خرجَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) فصلَّى بهم، فلما قضَى صلاته قال لمن حضره: على رِسْلِكُمْ أُعَلِّمْكُمْ، وأبْشِرُوا أنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّه عَلَيْكُمْ أنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أحَدٌ يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرَكُمْ " أوْ قالَ: " ما صَلَّى أحَدٌ هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرَكُمْ ".

١١٢٦ - ومنها حديث أنس في " صحيح البخاري ": " أنهم انتظروا النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) فجاءَهم قريباً من شطر الليل، فصلَّى بهم: يعني العشاء، قال: ثم خطبَنا فقال: ألا إنَّ النَّاسَ قَدْ صَلُّوْا ثُمَّ رَقَدُوا، وَإنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا في صَلاةٍ ما انْتَظَرْتُمُ الصَّلاةَ ".

١١٢٧ - ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنهما في مبيته في بيت خالته ميمونة قوله: أن النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) صلَّى العشاءَ، ثم دخلَ فحدّثَ أهلَه، وقوله: " نَامَ الغُلَيْم؟ ".

١١٢٨ - ومنها حديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما في قصة أضيافه واحتباسه عنهم حتى صلّى العشاء، ثم جاء وكلَّمهم، وكلَّم امرأتَه وابنه وتكرّر كلامُهم، وهذان الحديثان في " الصحيحين "، ونظائرُ هذا كثيرة لا تنحصرُ، وفيما ذكرناه أبلغُ كفاية، ولِلَّهِ الحَمْدُ.

فصل:

يُكره أن تُسمَّى العشاء الآخرة العتمة، للأحاديث الصحيحة المشهورة في ذلك ويُكره أيضاً أن تُسمَّى المغرب عشاء.


(١) أي قبل صلاتها لانه قد يكون سببا لفوات وقتها فيؤخرها عن وقتها المختار، ولئلا يتساهل الناس في ذلك فينامون عن صلاتها جماعة.
(*)

<<  <   >  >>