١١٥٥ - فقد روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " أمرهم رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) أن يرملوا ثلاثةَ أشواط ولم يمنعْه أن يأمرَهم أن يرملوا الأشواطَ كلَّها إلا الإِبقاء عليهم.
فصل:
ومن ذلك: صُمنا رمضانَ، وجاء رمضانُ، وما أشبه ذلك إذا أُريد به الشهر، واختلف في كراهته، فقال جماعة من المتقدمين: يُكره أن يُقال رمضان من غير إضافة إلى الشهر، رُوي ذلك عن الحسن البصري ومجاهد.
قال البيهقي: الطريق إليهما ضعيف، ومذهبُ أصحابنا أنه يُكره أن يُقال: جاء رمضانُ، ودخل رمضانُ، وحضر رمضانُ، وما أشبه ذلك مما لا قرينة تدلّ على أن المرادَ الشهرُ، ولا يُكره إذا ذُكر معه قرينة تدلّ على الشهر، كقوله: صمتُ رمضانَ، وقمتُ رمضانَ، ويجبُ صومُ رمضان، وحضرَ رمضانُ الشهر المبارك، وشبه ذلك، هكذا قاله أصحابنا، ونقله الإِمامان: أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي في كتابه " الحاوي " وأبو نصر الصباغ في كتابه " الشامل "
عن أصحابنا، وكذا نقله غيرُهما من أصحابنا عن الأصحاب مطلقاً.
١١٥٦ - واحتجُّوا بحديث: رويناه في سنن البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " لا تَقُولُوا رَمَضَانُ، فإنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أسْماءِ اللَّهِ تَعالى، وَلَكِنْ قُولُوا: شَهْرُ رَمَضَانَ " وهذا الحديث ضعيف ضعَّفه البيهقيُّ، والضعف عليه ظاهر، ولم يذكرْ أحدٌ رمضانَ في أسماء الله تعالى، مع كثرة مَنْ صنَّف فيها.
والصوابُ - والله أعلم - ما ذهب إليه الإِمام أبو عبد الله البخاري في " صحيحه " وغير واحد من العلماء المحقِّقين أنه لا كراهةَ مطلقاً كيفما قال، لأن الكراهةَ لا تثبتُ إلا بالشرع، ولم يثبتْ في كراهته شئ، بل ثبتَ في الأحاديث جواز ذلك، والأحاديث فيه من " الصحيحين " وغيرهما أكثر من أن تُحصر.
ولو تفرَّغتُ لجمع ذلك رجوتُ أن يبلغ أحاديثه مئين، لكن الغرضَ يحصل بحديث واحد.
١١٥٧ - ويكفي من ذلك كله: ما رويناه في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ " وفي بعض روايات " الصحيحين " في هذا الحديث " إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ " وفي رواية لمسلم " إذَا كانََ رَمَضَان " وفي الصحيح " لا تَقَدَّمُوا