للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالليل على الصحيح المختار، ولا يجهر في نوافل النهار غير ما ذكرناه من العيد والاستسقاء.

واختلف أصحابنا في نوافل الليل، فقيل: لا يجهر، وقيل: يجهر، والثالث وهو الأصح وبه قطع القاضي حسين والبغوي: يقرأ بين الجهر والإِسرار، ولو فاتته صلاة بالليل فقضاها في النهار، أو بالنهار فقضاها بالليل، فهل يعتبر في الجهر والإِسرار وقت الفوات، أم وقت القضاء؟ فيه وجهان، أظهرهما: يعتبر وقت القضاء، وقيل: يُسِرُّ مطلقاً.

واعلم أن الجهر في مواضعه، والإِسرار في مواضعه سنّة ليس بواجب، فلو جهر موضع الإِسرار، أو أسرّ موضع الجهر، فصلاته صحيحة، ولكنه ارتكب المكروه كراهة تنزيه، ولا يسجد للسهو، وقد قدّمنا أن الإِسرار في القراءة والأذكار المشروعة في الصلاة لابدّ فيه من أن يسمع نفسه، فإن لم يسمعها من غير عارض لم تصحّ قراءته ولا ذكره.

فصل:

١٢٤ - قال أصحابنا: يستحبّ للإِمام في الصلاة الجهرية أن يسكت أربع سكتات إحداهنّ: عقيب تكبيرة الإِحرام ليأتي بدعاء الاستفتاح، والثانية: بعد فراغه من الفاتحة سكتة لطيفة جداً بين آخر الفاتحة وبين آمين، ليعلم أن آمين ليست من الفاتحة، والثالثة بعد آمين سكتة طويلة بحيث يقرأ المأموم الفاتحة (١) ، والرابعة بعد الفراغ من السورة يفصل بها بين القراءة وتكبيرة الهوي إلى الركوع.

فصل:

فإذا فَرغَ من الفاتحة اسْتُحِبَّ له أن يقول: آمين.

١٢٥ - والأحاديث الصحيحة في هذا كثيرة، مشهورة في كثرة فضله وعظيم أجره، وهذا التأمين مستحبّ لكل قارئ، سواء كان في الصلاة أم خارجاً منها، وفيها أربع لغات، أفصحهن وأشهرهنّ: آمين بالمدّ والتخفيف، والثانية: بالقصر والتخفيف، والثالثة: بالإِمالة، والرابعة: بالمدّ والتشديد.

فالأوليان مشهورتان، والثالثة والرابعة حكاهما الواحدي في أوّل " البسيط "، والمختار الأولى، وقد بسطت القول في بيان هذه اللغات وشرحها وبيان معناها ودلائلها وما يتعلق بها في كتاب " تهذيب الأسماء واللغات ".


(١) لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يسكت سكتة طويلة بين آمين وقراءة السورة بحيث يقرأ المأمومون خلفه سورة الفاتحة.
(*)

<<  <   >  >>