للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مَرَرْتُمْ بِرِياضِ الجَنَّةِ فارْتَعُوا. قالُوا: وَمَا رِياضُ الجَنَّةِ يا رَسُولَ الله؟ قالَ: حِلَقُ الذّكْرِ، فإنَّ لله تعالى سَيَّارَاتٍ مِنَ المَلائِكَةِ يَطْلُبُونَ حِلَقَ الذّكْرِ، فإذَا أَتَوْا عَليْهِمْ حَفُّوا بِهِمْ ".

٥ - وروينا في (صحيح مسلم) ، عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: (خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال: " ما أجْلَسَكُم؟ قالوا: جلسنا نذكُر الله تعالى ونحمَدُه على ما هدانا للإسلام ومنّ به علينا، قال: آلله ما أجْلَسَكُمْ إلا ذاك؟ أما إني لَمْ أستحلِفكُمْ تُهمةً لكُمْ، ولَكنَّهُ أتاني جبْرِيلُ فأخْبَرَنِي أنَّ الله تعالى يُباهي بكُمُ المَلائكَةَ ".

٦ - وروينا في (صحيح مسلم) أيضاً، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُون اللَّهَ تَعالى إلا حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَليهِمْ السَّكِينَةُ وَذَكَرََهُمُ اللَّهُ تَعالى فِيمَنْ عِنْدَهُ ".

[فصل] :

الذكر يكون بالقلب، ويكون باللسان، والأفضلُ منه ما كانَ بالقلب واللسان جميعاً، فإن اقتصرَ على أحدهما فالقلبُ أفضل، ثم لا ينبغي أن يُتركَ الذكرُ باللسان مع القلب خوفاً من أن يُظنَّ به الرياء، بل يذكرُ بهما جميعاً ويُقصدُ به وجهُ الله تعالى، وقد قدّمنا عن الفُضَيل رحمه الله: أن ترك العمل لأجل الناس رياء.

ولو فتح الإنسانُ عليه بابَ ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرّق ظنونهم الباطلة لا نسدَّ عليه أكثرُ أبواب الخير، وضيَّع على نفسه شيئاً عظيماً من مهمَّات الدين، وليس هذا طريق العارفين.

٧ - وروينا في (صحيحي البخاري ومسلم) ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الآية (ولا تجهر بِصَلاتِكَ ولا تُخافِتْ بها) في الدعاء.

[فصل] :

اعلم أن فضيلة الذكر غيرُ منحصرةٍ في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها، بل كلُّ عاملٍ لله تعالى بطاعةٍ فهو ذاكرٌ لله تعالى، كذا قاله سعيدُ بن جُبير رضي الله عنه وغيره من العلماء.


= مَرَرْتُمْ بِرِياضِ الجَنَّةِ فارتفعوا، قالوا: واين لنا برياض الجنة في الدنيا؟ قال: إنها في مجالس الذكر) وأخرج أبو نعيم أيضا من طريق الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا زائدة بن ابي الرقاد، عن زياد النميري عن أنس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ لله سيارة مِنَ المَلائِكَةِ يَطْلُبُونَ حِلَقَ الذّكْرِ، فإذَا أَتَوْا عَليْهِمْ حَفُّوا بهم وبعثوا رائدهم الى السماء الى رب العزة سبحانه، فيقول وهو أعلم: أتينا على عباد من عبادك يعظمون آلاءك ويتلون كتابك، ويصلون على نبيك، ويسألون لاخرتهم ودنياهم، فيقول: غشوهم رحمى، هم القوم لا يشقى جليسهم) قلت: الظاهر أن الحديثين حديث واحد لاتحاد الرواة، فجمع النووي بينهما، واختصر بقية الحديث، وأراد أن يقول: حديث أنس، فسبق قلمه إلى ابن عمر.
أقول: وهو حديث حسن بطرقه وشواهده، ولذلك حسنه الترمذي وغيره.
(*)

<<  <   >  >>