للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تكن عزلة أعضاء الجماعات اليهودية مسألة مقصورة عليهم. فالمجتمعات التقليدية كانت قائمة على الفصل بين الطبقات والأقليات والجماعات لتسهيل عملية إدارة المجتمع في غياب مؤسسات الدولة المركزية القومية. ولكن، بَتفسُّخ النظام الإقطاعي في أواخر القرن الثامن عشر، ظهرت الدولة العلمانية القومية المركزية، وهي دولة تستمد شرعيتها من التاريخ المشترك ومن مقدرتها على إدارة المجتمع بكفاءة. كما أن هذه الشرعية تستند أيضاً إلى مدى تعبيرها عن روح الشعب وإرادته. وقد كانت الدولة القومية العلمانية دولة رأسمالية، في العادة، تحاول أن تخلق السوق القومية الموحدة التي لم تَعُد بحاجة إلى الجماعات الوظيفية الوسيطة، إذ أنها تضطلع بمعظم مهامها. ولكل هذا، تساقط النظام القائم على الفصل بين طبقات الشعب وفئاته، وحل محله نظام يحاول دمج كل المواطنين الذين يدينون له وحده بالولاء، على عكس النظام الإقطاعي حيث تستند الدولة إلى شرعية دينية أو شرعية تقليدية، ولذا يدين الفرد بالولاء إما للكنيسة أو للنبيل أو للملك، وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>