وقد اختفت الشخصية اليديشية مع التحولات الاجتماعية الضخمة التي حدثت في مجتمعات شرق أوربا، ولم يُكتَب لها الاستمرار. ويبدو أن المكوِّن الأساسي لهذه الشخصية مرتبط تمام الارتباط بالوظيفة الاجتماعية للجماعات اليهودية كجماعات وظيفية تنمي شخصيتها المستقلة ليضمن المجتمع عزلتها ومن ثم مقدرتها على أداء وظيفتها. وقد تحوَّل يهود اليديشية من جماعات شبه قومية متماسكة إلى جماعات مختلفة: يهود روسيا ويتحدثون الروسية، ويهود بولندا ويتحدثون البولندية، ويهود أوكرانيا ويتحدثون الأوكرانية، أما يهود اليديشية الذين استقروا في ألمانيا وفرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة فقد اندمجوا في مجتمعاتهم وتحدثوا لغاتها.
ومن المفارقات المهمة أن الصهاينة الذين يمجدون الشخصية اليهودية يقومون في الوقت نفسه بالهجوم عليها ورفضها، فهم يرون أن هذه الشخصية مريضة وهامشية. وعند هذه النقطة أيضاً، يلتقي الصهاينة مع المعادين لليهود، بل إن الصهاينة استمدوا نقدهم للشخصية اليهودية من أدبيات معاداة اليهود. ويطرح الصهاينة فكرة الشخصية اليهودية الحقيقية بوصفها شخصية يهودية خالصة عبَّرت عن نفسها من خلال الكيان اليهودي القومي سواء في الكومنولث الأول أو الثاني، وهي تُعبِّر عن نفسها من خلال الكومنولث الثالث، أي الدولة الصهيونية. لكن دارس هذه الدولة يعرف أن علم الاجتماع الإسرائيلي قد تَقبَّل، كحقيقة شبه نهائية، انقسام أعضاء التَجمُّع الصهيوني إلى جماعات يهودية لكلٍّ شخصيتها المستقلة التي تكونت عبر مئات السنين في المنفى، أي في أنحاء العالم.