للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغم استخدامنا مصطلح «شخصية» في هذا المدخل، إلا أننا سنناقش الإشكالية مستخدمين كلمة «هوية» بسب شيوعها في الأدبيات التي تناقش الموضوع، إذ أن كلمة «شخصية» عادةً ما تعني «شخصية قومية» ، بينما تُستخدَم كلمة «هوية» دائماً في عبارات مثل «هوية إثنية» . ولا شك في أن الصهاينة يفضلون كلمة «هوية» لإمكان استخدامها في الإشارة إلى يهود إسرائيل وإلى أعضاء الجماعات اليهودية في العالم، فهي كلمة لن تسبب حرجاً ليهود الولايات المتحدة التي تقبل الهويات الإثنية طالما أنها لا تتعارض مع الانتماء القومي. أما كلمة «شخصية» ، فهي باستدعائها فكرة الشخصية القومية، ستسبب الكثير من الحرج والفرقة.

الهويات اليهودية بوصفها تركيباً جيولوجياً تراكمياً

Jewish Identities as a Cumulative Geological Construct

موضوع الهوية/الهويات اليهودية في غاية التركيب لأسباب عديدة يمكن أن نورد بعضها فيما يلي:

١ ـ تم تعريف الهويات اليهودية على أساس ديني، وعلى أساس قومي ديني، وعلى أساس قومي وحسب. وقد دارت معارك بين أعضاء الجماعات اليهودية (خصوصاً منذ نهاية القرن التاسع عشر) حول رؤيتهم لهويتهم وتعريفهم لهذه الهوية.

٢ ـ لا تتفق رؤية الإنسان لهويته، بصورة حتمية ومباشرة، مع ممارساته العملية وبنية واقعه وأفعاله. فالرؤية قد تكون تعبيراً عن مثل أعلى أو عن مجموعة من الرغبات، أما الواقع فإنه يتطور بطريقة لا تتفق بالضرورة مع رغبات الإنسان. ومن ناحية أخرى، فإن رؤى أعضاء الجماعات اليهودية للهوية اليهودية لم تكن تتفق بالضرورة مع تطوُّر واقعهم التاريخي، بل وكانت تتناقض أحياناً الواحدة مع الأخرى.

٣ ـ ولكن هذا لا يعني أن رؤية الإنسان لهويته لا تتدخل البتة في تحديد سلوكه، إذ تظل الرؤية، برغم عدم اتفاقها مع الواقع، عنصراً مهماً ومؤثراً في هذا السلوك، دون أن تكون بالضرورة العنصر المحدد الوحيد له.

<<  <  ج: ص:  >  >>