ولكن كل هذا لا يعني عدم وجود تناقضات بين اليهود الجدد والمجتمعات التي ينتمون إليها، كما لا يعني أن كل أشكال التفرقة ضدهم قد اختفت تماماً. فهناك التوتر المتزايد بين الأمريكيين اليهود والسود، وبينهم وبين الكثير من أعضاء الجماعات المهاجرة. وهناك أشكال من التفرقة الاجتماعية غير الملحوظة (نسميه «تحامل» ) . ولكن مثل هذه التناقضات ومثل هذه التفرقة هي جزء من أي كيان اجتماعي. ويشبه وضع اليهود الجدد، في كثير من نواحيه، وضع أية أقلية في أي مجتمع غربي حديث منفتح، وهذا الوضع شيء جديد تماماً بالنسبة إلى يهود العالم الغربي.
يهودي غير يهودي ويهودى بشكل ما
Non-Jewish Jew and Jewish in Some Way
«اليهودي غير اليهودي» هو عنوان أحد كُتب المؤرخ والمفكر التروتسكي إسحق دويتشر. ويذهب دويتشر إلى أن ثمة جانباً عالمياً في اليهودية تَبدَّى في الفكر الثوري العالمي للمفكرين اليهود أمثال إسبينوزا وماركس، فهذا الجانب العالمي دفعهم لأن يطوروا أنساقاً فكرية ثورية عالمية تجاوزت حدود اليهودية بل وحدود كثير من الأنساق الفكرية الأخرى. ومعنى ذلك أن تَحقُّق النزعة العالمية الكامنة في اليهودية يؤدي إلى نفي اليهودية. وهؤلاء المفكرون، في تَصوُّر دويتشر، يمثلون كل ما هو عظيم في الفكر الحديث سواء في الفلسفة أو علم الاجتماع أو الاقتصاد أو السياسة في القرون الثلاثة الأخيرة. ويرى دويتشر أن السمات الأساسية لهؤلاء المهرطقين اليهود هي ما يلي:
١ ـ الإيمان بالحتمية، وبأن العالم يحكمه قانون.
٢ ـ الإيمان بأن الواقع في حالة حركة دائمة وليس جامداً.
٣ ـ عدم انفصال النظرية عن الممارسة.
٤ ـ الإيمان بتضامن البشر في عملية انعتاق إنسانية كاملة.