ولم تنقطع صلة المموِّلين اليهود بالقطاع الزراعي في العصر الحديث، فكثير منهم استثمروا أموالهم باعتبارهم جزءاً من الرأسمالية الغربية الناشئة. وكان كثير من أصحاب الضياع الكبيرة في جزر الهند الغربية من اليهود، وهي ضياع كانت جزءاً من الاقتصاد الرأسمالي الاستعماري والاستيطاني، تخصصت في زراعة السكر وتصديره، ومن ثم كانت جزءاً من المثلث اللعين الذي تُشكِّل تجارة الرقيق أحد أهم أضلاعه. وكان هناك عدد من المموِّلين اليهود (في ألمانيا وروسيا) تركزوا في صناعة الأخشاب والصناعات المرتبطة بالقطاع الزراعي.
ويُلاحَظ أن هذه النشاطات هي نشاطات تجارية في القطاع الزراعي، ومن ثم فهي تعني أن أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب كانوا لا يعملون بالزراعة. وقد ظهر منذ عصر الاستنارة في الغرب نقد للشخصية اليهودية باعتبارها شخصية طفيلية هامشية تعيش على رزق الآخرين وكدهم ولا تبذل جهداً ولا تنتج شيئاً. وكان عدم اشتغال اليهود بالزراعة يُعَدُّ شاهداً على ذلك. ومن ثم، حاولت الدولة الحديثة التي اضطلعت بمعظم مهام الجماعات الوظيفية تشجيع أعضاء الجماعات اليهودية على الاشتغال بالزراعة والابتعاد عن التجارة والربا. وكان يُنظَر إلى هذه العملية باعتبارها عملية تطبيع لليهود (أي تحويلهم من أعضاء في جماعات وظيفية يرتبط نشاطها الاقتصادي بإثنيتها وعزلتها إلى شخصيات طبيعية سوية حديثة يمكن دمجها في المجتمع) . كما كانت هذه العملية تُسمَّى تحويل اليهود إلى قطاع منتج، ولذا صدرت تشريعات عديدة في فرنسا بعد الثورة لتحقيق هذا الهدف ولفتح المجال الزراعي أمامهم.