وقد كان شرق أوربا هو المسرح الأساسي لهذه العملية التاريخية. فالتحديث الفجائي وظهور الدولة المركزية التي اضطلعت بكثير من أعمال الجماعات الوظيفية، ثم الانفجار السكاني بين يهود اليديشية، خلقا معاً فائضاً بشرياً يهودياً، الأمر الذي أدَّى إلى ظهور ما يُسمَّى «المسألة اليهودية» . وقد طُرح العمل بالزراعة باعتباره أحد الحلول، وخصوصاً أن روسيا كانت تضم أراضي زراعية كثيرة خالية من السكان يمكن توطين أعضاء الجماعات اليهودية فيها. كما ساهمت عقيدة النارودنيك (الشعبويين) في إضفاء غلالة من الرومانتيكية على مهنة الزراعة التي كانوا يعدونها أشرف المهن انطلاقاً من أن روح روسيا توجد بين الفلاحين لا بين سكان المدن. وقد أدَّى تَعثُّر التحديث في روسيا إلى فشل كثير من هذه المحاولات، خصوصاً أن جهاز الدولة القيصرية لم يكن كفئاً ولا أهلاً للاضطلاع بالمسئولية.
وبعد الثورة البلشفية، قامت عدة محاولات لتحويل اليهود إلى القطاع الزراعي في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، ولكن أهم المحاولات كانت تجربة بيروبيجان.