ويمكن القول بأن ألمانيا أسَّست مجتمعاً معادياً لليهود بشكل بنيوي، ولكن من خلال اتفاقية الهعفراه بين النازيين والصهاينة أصبحت المعاداة البنيوية للسامية صهيونية بنيوية.
معاداة اليهود: الأسباب وتكوين الصور النمطية
(Anti-Semitism (Causes and the Process of Stereotyping
يُفسِّر الصهاينة معاداة اليهود بأنها تعود إلى كُره الأغيار لليهود عبر العصور، وهو تفسير من العمومية بحيث لا يُفسِّر شيئاً البتة. فإذا كان كره الأغيار لليهود ظاهرة ميتافيزيقية متأصلة، فإن المنطقي هو أن يُعبِّر هذا الكُره عن نفسه بشكل مطلق، أي بالطريقة نفسها بغض النظر عن الزمان والمكان. ولكن تاريخ عداء اليهود تاريخ طويل ومتنوع ويفتقر إلى الاستمرار التاريخي كما تختلف دوافعه وأسبابه. ومن المعروف أن الجماعات اليهودية توجد داخل تشكيلات حضارية مختلفة، وكانت تنشأ توترات مختلفة بينها وبين أعضاء الأغلبية. وبرغم أن سائر أحداث التوتر هذه يُشار إليها بمصطلح «معاداة اليهود» على وجه العموم، فإن المصطلح يكتسب مضمونه الحقيقي والمحدد من خلال التشكيلات الحضارية المختلفة، ولذلك، فإن الدلالة تختلف من تشكيل إلى آخر. والواقع أننا لو أخذنا بالتفسير الصهيوني وجعلنا من مختلف الأحداث التي تُعبِّر عن العداء لليهود ظاهرة واحدة، لأصبح العنصر الثابت الوحيد هو اليهود، وحينذاك يصبح اليهود هم المسئولين عن الكراهية التي تلاحقهم والعنف الذي يحيق بهم، وهو تحليل عنصري مرفوض طرحه محامي أيخمان بشكل خطابي أثناء الدفاع عنه في إسرائيل. فاليهود يُشكِّلون جماعات مختلفة وغير متجانسة لكلٍّ منها ظروفها ومشاكلها.