ويمكن القول بأن العداء لليهود، بوصفه شكلاً من أشكال العداء للأقليات والغرباء والأجانب (و «الآخر» على وجه العموم) ، هو إمكانية كامنة في النفس البشرية التي تنفر من كل ما هو غير مألوف، وبالتالي فهو إمكانية كامنة في كل المجتمعات. كما أن هناك بشراً في كل مجتمع لا يقنعون بما لديهم من ثروة أو رزق، ويرغبون دائماً في الاستيلاء على ما يملكه الآخرون، وبخاصة ما يمتلكه أعضاء الأقلية الذين لا يتمتعون عادةً بالحصانات نفسها وبالاستقرار نفسه الذي يتمتع به أعضاء الأغلبية. ومع هذا، تظل هذه الأفكار والدوافع في حالة كمون ولا تعبِّر عن نفسها إلا من خلال أفعال عنف وكره فردية متفرقة أو من خلال أشكال من التحايل على أعضاء الأقلية أو من خلال أعمال أدبية أو قصص أو أساطير، مادام المجتمع مستقراً ولكل عضو فيه وظيفته. ولكن ثمة عناصر تؤدي إلى تحوُّل هذه الدوافع النفعية من حالة الكمون إلى حالة التحقق حيث تتعدد الأفعال الفردية وتصبح ظاهرة اجتماعية، وتتغلغل في بنية المجتمع ذاته.